"وين الناس" ...عن شرفة النواب و خطابات الثقة بحكومة حسان..!
جفرا نيوز عصام جلال المبيضين-
بعد ان انطلقَ (ماراثون) كلمات النواب؛ من أجل مناقشة البيان الوزاريّ لحكومة الدكتور جعفر حسّان الذي يتضمّن برنامج عملها للمرحلة المقبلة، وسط حديث الحكومة عن "عدم رفع سقف التوقعات"، والتعامل بواقعيّة ومسؤوليّة واعية...الخ .
وسط ذلك؛ فإنّ قائمة التعهدات والوعود والبرامج التي التزمت بها حكومة حسّان ليست مختلفةً عما سبقها من تعهدات أعلنتها عشرات الحكومات السابقة في العبدلي؛ لتظل الأوضاع نفس الأوضاع، والشكاوى نفس الشكاوى، الكلام نفس الكلام، ولاجديد تحت الشمس. حكومات تحصل على الثقة ومجالس نيابيّة تمنح وتناقض نفسها بخطابات نيابيّة انفعاليّة.
و في ظلّ التنظيرات على الميكرفونات، فالحديث يناقض الفعل، وفق فيزياء الكلام، وكيمياء التوجهات؛ وهو ما وُصِفَ بـ(الشيزوفرينيا) السياسيّة ،وعلى سطح الواقع بين الدوّارالرابع و(العبدلي)؛ تظل الهموم والأحاديث التي انطلقت من أفواه النوّاب على الأقل -برصد عابر سريع- تتشابه والأحاديث والخطابات لمجلس النوّاب منذ 1989، أيّ منذ (35) سنةً متكرّرةً، وما أشبه اليوم بالأمس، خصوصًا، مع التشابه في القضايا والهموم وتأرجح أرقام ونسب ومعدلات البطالة والفقر والحريّات وتنمية المحافظات....إلخ.
وأمام كل ذلك؛ تحوم (الكليشيهات) في سماوات ملبّدة بالغيوم، مما جعل الناس تنفر من الاستماع، والحضورإلى الشرفات تحت القبة للاستماع لكلام نوّاب الأمّة في غياب واضح ومُلفت، وهنا؛ تبرز المقولة الشائعة (والمتماهية مع مشهد الشرفة الخاوية) لأبي العلاء المعري حول هذه الخطابات " لزوم ما لايلزم"
وبخصوص ظاهرة نوّاب الخدمات فهي في بداية طور الاندثار، خصوصًا وأنّ طلبات الآلاف من الناخبين لنوّاب الخدمات تُقيم أغلبها داخل أدراج العجز؛ وهي تتمحور حول المطالبة بالتعيينات والخدمات وإنشاء المستشفيات والطرق وتوفير الخدمات، وبالتالي؛ فإنّ هذه الأوراق وبحكم الواقع سُحبت من نواب الخدمات؛ وذلك بفعل عجز الموازنات، وأيضًا؛ إيقاف التعيينات الحكوميّة، باستثناء وزارتي الصحة والتربية، كما أنّ ديوان الخدمة قد تغيّر دوره كرافد توظيفيّ للقطاع العام.
على العموم؛ الكلام كثير وكثير، والسؤال المطروح في خضم (ماراثون) الثقة: أين الناس؟ لماذا لا يصعد الآلاف إلى الشرفة للاستماع إلى كلمات النوّاب التي تتعلق بمناقشة همومهم (أي الناس)، والبرامج والكلام حول برامج الإصلاح والاهتمام بالشباب والتعليم والتأمين الطبيّ والحدّ من البطالة ومحاربة الرشوة والفساد وتحسين معيشة المواطنين، ودعم الاقتصاد الوطنيّ وتحسين الخدمات العامّة ..إلخ.
كلمات في أغلبها يقابلها المواطن البسيط -حسب المعطيات- باللامبالاة، وهو يعرف أنّ كل ذلك كلام في كلام يحلق على أجنحة الخيال، و(فانتازيا) ليس إلّا، فالوضع صعب جدًا، وهنا نتساءل: ماذا عن هموم من يتقاضون راتبًا مقداره (300 ــ 400) دينار شهريًّا؟ كرواتب المتقاعدين والموظفين الذين يئنون تحت جحيم الغلاء الفاحش، فيما و-بحسب الدراسات الاقتصاديّة- المصروف المتوسط في الأردن يتجاوز الـ(1500) دينار، وسط التنابز بالألقاب والرواتب والسيارات الفخمة والتدوير والعضويات..إلخ.
ولهذا لم نستغرب تغيّر مسلكيّات كثير من الناس، وتجمد العواطف، وظهور العنف المتمثّل في المشاجرات، والحزن، والأمراض، وسيطرة المصالح، وغلبة العلاقات النفعيّة؛ ليظل السؤا في كهف علامة الاستفهام، وهو لماذا أدار المواطنون ظهورهم لكلّ ما يجري، وليس أدلّ على ذلك من نسب الانتخابات التي وصلت (29 ـ 32) بالمئة، وأمس الشرفات خالية، خاصّةً، وعينة استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجيّة في الجامعة الأردنيّة تؤكّد تراجع ثقة الأردنيين بمجلس النوّاب من (20) بالمئة إلى (17) بالمئة.
ويظل لسان الناس قائلًا: بعض الناس في واد ونحن في واد، والنصيحة المقدمة لنا؛ أنّه على الجميع الاستعداد، سيّما أنّ طائرة رفع التكاليف المعيشيّة والتضخم تحلّق في السماء عاليًا، ولهذا؛ على الجميع أن يربطوا الأحزمة جيّدًا، فالمطبات كثيرة، وبلغة الأرقام والتصريحات والمعلومات، والخوف الأكبر من المفاجآت التي ستكون فوق التوقعات للأسر، وعلى من نقرع مزاميرك يا داود !