الضربات المتوقع أن تتلقاها أسواق النفط في 2025
لما جمال العبسه
كلنا يعلم تماما ان الاسواق العالمية الاكثر استجابة للتأثيرات الحاصلة على الصعيد الاقتصادي العالمي او الجيوسياسي وحالة عدم الاستقرار في المناطق المختلفة، ومن ضمنها السوق الاكثر حساسية والاشد تنظيما سوق النفط العالمي الذي مرت عليه الاحداث تتاليا خلال السنوات القليلة الماضية، ابتداء من الجائحة الصحية مرورا بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في اوكرانيا، ثم الحرب الفاشية التي يشنها العدو الصهيوني على قطاع غزة ومن ثم شنها على لبنان، والآن يثير الشغب في الشمال السوري، وكل هذه الامور مجتمعة ذات اثر سلبي بالغ ليس فقط على اقتصاد دولة الكيان الصهيوني او الدول الداعمة للحروب بشكل عام على رأسها دول اوروبا الغربية والولايات المتحدة الامريكية، بل يمتد الى الاقتصاد العالمي بشكل كبير، والآن جاءت المخاوف من قرارات محتملة للادراة الامريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب والتكهنات حولها.
على مدار اكثر من عامين لعبت منظمة اوبك+ دورا استثنائيا للمحافظة على الاسعار العادلة لبرميل النفط، وحافظة على المستويات المنطقية لها انطلاقا من اساسيات العرض والطلب، لتحمي السوق قدر المستطاع وتجعله قادرا على امتصاص الصدمات بالحد الاقصى، فاتخذت من تخفيض كميات الانتاج النفطي طريقا لذلك في ظل ضعف الطلب العالمي على النفط.
بالامس ومع بداية تداولات الاسبوع الجديد والذي صادف بداية اخر شهر في العام 2024، كان هناك حدث استثنائي متمثل في زيادة نشاط الانتاج الصيني (الصين اكبر مستورد للنفط في العالم)، وبالطبع ادى هذا الامر الى ارتفاع سعر برميل النفط واضفاء حالة من التفاؤل في الاسواق العالمية، الا ان العوامل السابق ذكرها كان تأثيرها اقوى من الانتاج الصناعي العالمي، لتبقى اسعار النقط مقيدة الى حد كبير وتختبر حاجز 75 دولارا للبرميل، وبالتالي تخالف حتى توقعات اوبك+ بتجاوز حاجز 80 دولارا في النصف الاول من العام المقبل، اذا لم يكن هناك اجراءات قد تدفع الاسعار للارتفاع.
منذ منتصف تشرين اول الماضي وعلى الرغم من ردات الفعل المتتالية حتى اللحظة بشأن ولاية دونالد ترامب الجديدة، الا ان اسعار النفط مازالت تتحرك في نطاق ستة دولارات صعودا وهبوطا، دون القدرة على الاستقرار الصعودي، وزاد الطين بلة عندما اعلنت جهات رسمية امريكية ذات صلة بان الولايات المتحدة قد تزيد من كميات الانتاج بغض النظر عن مستوى الطلب العالمي على النفط.
كل العوامل والمؤثرات السابقة على صعيد الاسواق تقف عاجزة امام حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وتوسع دائرة النار التي اشتعلت مؤخرا في الشمال السوري، ومعه تنخفض التوقعات، حتى ان اوبك+ بعد ان قررت تأجيل اجتماعها الى الخامس من الشهر الجاري، شاعت نيتها عن تمديد خفض الانتاج حتى نهاية الربع الاول من العام المقبل، في خطوة تهدف منها الى المحافظة قدر الامكان على استقرار اسعار النفط ضمن مستويات مقبولة، مع تداول الرغبة الامريكية في زيادة الانتاج تزامنا مع الطلب الضعيف عالميا.
وفي مسألة الانتاج النفطي، فان اي ارتفاع فيه سيضاف الى الوفرة الموجودة في الوقت الراهن حيث، من المقدر ان يكون فائض المعروض خلال 2025 اكثر من مليون برميل اي ما يزيد على 1% من الانتاج العالمي من النفط، فما الحال اذا زاد الانتاج الامريكي، وهنا تطرح العديد من علامات الاستفهام... منها الى اي مدى سينخفض حجم انتاج اوبك + بقيادة السعودية وروسيا، وهل هذا سيكفي لمواجهة التغيرات غير المحسوبة في اسواق النفط العالمية للمحافظة على الاسعار العادلة والحد من انخفاضها بشكل ملموس؟
لا بد من القول بأن اجتماع اوبك + الاربعاء المقبل وبالرغم من حالة الغموض المحيطة به سيسمح بمزيد من الوقت لتقييم تأثير الاعلان عن سياسات ترامب الاقتصادية على رأسها الرسوم الجمركية التي ستفرض على بكين، وقطاع الطاقة وكذلك لمعرفة رد فعل الصين. خاصة وان التحدي يكمن في إيجاد توازن بين محاولة دعم أسعار السوق والحد من خسارة حصتها السوقية.