((خطاب الثقة)).. معادلة حسابية للتحديات الأردنية ضمن مقارنات عالمية

الدكتور عادل محمد الوهادنة

تقديم خطاب الثقة في الأردن ليس مجرد إجراء دستوري؛ بل هو اختبار لتوازن الأولويات بين التحديات المحلية والفرص المتاحة. في هذا الإطار، لتحليل خطاب الثقة الذي قدمه رئيس الوزراء جعفر حسّان بأسلوب علمي ورقمي غير إنشائي ومتوازن، يمكن تقسيم التحليل إلى محاور رئيسية مع إدخال أرقام وبيانات ملموسة لتقديم صورة شاملة.  مما يمهد إلى قراءة الخطاب بمنهجية مبنية على الخوارزميات التحليلية التي تصف المعضلة بوضوح، تقارنها عالميًا، وتبحث عن حلول قابلة للقياس والتنفيذ. 

وصف المعضلة: تحديات متداخلة

الاقتصاد: فجوة بين الموارد والإنفاق

الوضع الأردني: الدين العام تجاوز 114% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما النمو الاقتصادي لا يتجاوز 2.7% سنويًا. معدل البطالة يقارب 22%، مع نسبة بطالة شبابية تزيد عن 40%.

لمقارنة بدول نامية ومتقدمة: في غانا، انخفضت نسبة الدين العام من 76% إلى 55% بين 2017 و2022 عبر توجيه الاستثمارات نحو التصنيع المحلي بدلاً من الاقتراض الخارجي. في المقابل، خفضت نيوزيلندا دينها من 46% إلى أقل من 30% خلال خمس سنوات من خلال برامج إنتاجية تعتمد على التكنولوجيا وتحفيز الشركات الصغيرة.

الإدارة العامة: بطء في التحديث ومقاومة للتغيير

الوضع الأردني: بالرغم من حديث الخطاب عن التحديث الإداري، لا تزال العديد من القطاعات تعاني من ضعف الكفاءة؛ إذ تشير تقارير إلى أن متوسط إنجاز المعاملات الحكومية في الأردن يتجاوز 10 أيام عمل، مقارنة بـ24 ساعة في إستونيا، الدولة الرائدة في الإدارة الرقمية.

الحلول العالمية: طبّقت البرازيل نظام "الحكومة المفتوحة"، الذي خفّض متوسط المعاملات بنسبة 40%، مع توفير أكثر من 1.2 مليار دولار سنويًا من تكاليف التشغيل. في أستونيا، تمكّن النظام الرقمي الموحد من توفير ما يعادل 2% من الناتج المحلي سنويًا عبر تقليص الهدر وتحسين الإنتاجية.

الإرث الهاشمي والعلاقات الدولية: مسؤولية تشاركية

الإرث الهاشمي الذي يتميز بالحكمة والاعتدال يشكل أساسًا ثابتًا لعلاقات الأردن الدولية. هذا الإرث، الذي يعكس قيم الانفتاح والتعاون، لا ينبغي أن يكون حكرًا على الحكومة فقط، بل يتطلب تكاتفًا بين جميع مؤسسات الدولة، بما فيها المجالس التشريعية، والمؤثرين الحقيقيين في الداخل والخارج. إن الاستفادة القصوى من هذا الإرث تعزز قدرة الأردن على استثمار مكانته الدولية لتوسيع آفاق التنمية الاقتصادية والسياسية، وفتح أبواب الشراكة الإقليمية والعالمية التي تخدم الوطن ومواطنيه. إن تفعيل هذا الدور عبر شراكة حقيقية مع المؤثرين من أصحاب الفكر والقرار داخل الوطن وخارجه يعزز قدرة الأردن على استثمار مكانته الدولية، مما يفتح آفاقًا جديدة في المجالات الاقتصادية، والسياسية، والتنموية.

القوات المسلحة والأجهزة الأمنية: دعامة الاستقرار الوطني

في مواجهة تحديات إقليمية ودولية متزايدة، أثبتت القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية كفاءتها كدعامة رئيسية  للاستقرار الوطني. بحسابات الإنجاز، تمكنت هذه المؤسسات من إدارة حدود تمتد لأكثر من 1,600 كيلومتر بكفاءة، ما ساهم في تقليص عمليات التسلل والتهريب بنسبة 60% خلال السنوات الثلاث الماضية وفق تقارير رسمية.

على الصعيد الداخلي، نجحت القوات الأمنية في خفض معدلات الجريمة المنظمة بنسبة 95% بين عامي 2020 و2023، مع رفع نسب حل القضايا الأمنية إلى 85%، مما يعكس نهجًا مؤسسًا يعتمد على التقنيات الحديثة وتحليل البيانات.

 إقليميًا ودوليًا، تجاوز دور القوات المسلحة الحدود التقليدية؛ فقد شاركت بأكثر من 30 مهمة حفظ سلام في 22 دولة، وساهمت بأكثر من 100,000 جندي في المهام الإنسانية والدولية منذ عام 1989. هذه الجهود تضع الأردن في مصاف الدول الفاعلة على الساحة الدولية في مجال الأمن والاستقرار.

التعاون العلمي مع مؤسسات التعليم

إن تعزيز القدرة العسكرية لا يقتصر فقط على التحسينات الميدانية واللوجستية، بل يمتد أيضًا إلى التعاون الأكاديمي والعلمي. فقد أُطلقت عدة برامج أكاديمية ومشاريع بحثية بالتعاون بين المؤسسات العسكرية والجامعات الأردنية. على سبيل المثال، تم تدريب أكثر من 200 ضابط على استخدام تقنيات "الذكاء الاصطناعي" في مجال الأمن السيبراني، مما يعزز من قدرة القوات المسلحة على مواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة.

كما أن تطوير برامج تدريبية متقدمة مثل "المحاكاة الرقمية" في الأكاديميات العسكرية الأردنية يساعد على تحسين اتخاذ القرارات السريعة في حالات الطوارئ، مما يعزز الكفاءة العامة للقوات في التصدي للأزمات الأمنية.

لضمان استمرارية هذه الكفاءة، يتطلب الأمر مراجعة دائمة للميزانيات المرصودة وتوجيهها نحو تعزيز القدرات التكنولوجية والبشرية، مع الأخذ في الاعتبار أن الإنفاق الدفاعي يشكل 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو معدل يتماشى مع التحديات الأمنية في المنطقة. بعقيدة ثابتة ورؤية استراتيجية متقدمة، تتفوق هذه المؤسسات في تحقيق الأمن الداخلي وحماية الحدود. وقد أثبتت كفاءتها ليس فقط في الدفاع عن الوطن، بل في تقديم الدعم الإنساني والإغاثي إقليميًا ودوليًا، مما يعزز صورة الأردن كدولة فاعلة ومؤثرة في تحقيق الاستقرار والسلم العالمي. 

القضية الفلسطينية: مركزية بظروف متغيرة

الوضع الأردني:الأردن يخصص جزءًا كبيرًا من استقراره الاستراتيجي لدعم القضية الفلسطينية. لكن مع تراجع الدعم الدولي، تواجه المملكة ضغوطًا متزايدة للحفاظ على هذا الدور دون تأثير سلبي على اقتصادها.

مقارنة بدول ذات قضايا مشابهة: جنوب إفريقيا خصصت موارد دبلوماسية لتعزيز دورها الإقليمي عبر مبادرات اقتصادية مع دول الجوار، ما رفع ناتجها المحلي بنسبة 8% بين 2005 و2010. 

الأردن يمكن أن يستفيد من هذه التجارب بتوجيه جزء من الدعم نحو مبادرات اقتصادية مشتركة مع السلطة الفلسطينية، لخلق اقتصاد تكاملي يخدم الطرفين. الأردن يخصص 20% من موارده الدبلوماسية لدعم فلسطين. إذا تم توجيه 10% فقط من هذه الجهود نحو مشاريع مشتركة مثل تطوير المناطق الصناعية، يمكن زيادة الناتج المحلي الأردني بمقدار 1.5 مليار دينار خلال 5 سنوات.

معادلة المقارنة: تحليل الفرص والتحديات

خوارزمية قياس الكفاءة الاقتصادية

الدخل مقابل الدين: إذا كانت نسبة الدين العام في الأردن 114% والنمو الاقتصادي 2.7%، فإن كل نقطة نمو إضافية تحتاج إلى استثمارات مباشرة بقيمة 500 مليون دينار. مقارنةً بـفيتنام، التي تمكنت من رفع النمو الاقتصادي إلى 7% سنويًا عبر استقطاب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار سنويًا في الصناعات التكنولوجية.

خوارزمية تحسين الإدارة

تقليص البيروقراطية: إذا تم اعتماد نظام رقمي موحد يقلل وقت المعاملات الحكومية بنسبة 50%، فإن ذلك يوفر ما يعادل 200 مليون دينار سنويًا في التكاليف الإدارية. مقارنةً بـرومانيا، التي طبّقت مشروعًا مشابهًا وحققت وفورات تعادل 3% من ميزانيتها العامة خلال 3 سنوات.

خلاصة: معادلة استشرافية للرد البرلماني

الأولوية: إعادة التوازن بين الموارد والإنفاق: يجب التركيز على خفض الدين العام بنسبة 5% سنويًا من خلال تحفيز الاستثمارات الإنتاجية، على غرار تجربة ماليزيا.

التحديث الإداري: رقمية لا شعارات:تبني نموذج مشابه لـإستونيا يمكن أن يرفع كفاءة القطاعات الحكومية بنسبة 25% خلال سنتين.

للقراءة العلمية لخطاب الثقة من قبل مجلس النواب ضمن الظروف المحيطة، يجب التركيز على تحليل الخطاب بآلية ممنهجة تستند إلى أسئلة جوهرية ومعايير مقارَنة تستمد قوتها من تجارب الدول الأخرى. هذا التحليل يساعد النواب على تقديم ردود غير مكررة، تحمل حلولًا عملية قابلة للتطبيق قراءة خطاب الثقة من هذا المنظور تتيح للنواب تقديم نقد بناء مدعوم بالأرقام والنماذج العالمية، بما يعزز من جدوى النقاش البرلماني ويضع الأردن على مسار أكثر استدامة وفاعلية. خلاصة: معادلة استشرافية للرد البرلماني