الفكر المتطرف اليميني الإرهابي و الانفصام السياسي .

د محمد العزة 

"‏يبدو أن تحرير العقل العربي أصعب من تحرير فلسطين " مقولة الوطني السوري محمد الماغوط صاحب "كاسك يا وطن " و " غربة ".

مشروع تقسيم سوريا و مهاجمة حلب أو  دمشق بأيدي مليشيات الفكر الظلامي التكفيري الذي هو واضح للعيان و بلا شك أنه احد ادوات و واجهة تنفيذ مخطط المشروع الصهيوني في المنطقة  هو أشد خطرا وتأثيرا من سقوط غزة على الإقليم والأمة العربية .

الغريب بالأمر أن رجال سياسة وصحافة إعلامية كانوا رؤساء جمهوريات دول عربية و واجهة أحد أشهر المحطات  التلفزيونية الصغيرة اشتهروا عبر برامجهم في عهد الربيع العربي الاسود  و معهم بعض الشخصيات في  الإقليم حاليا و  الداخل الاردني الذي يجمعهم و يستقوا فكرهم السياسي من وعاء تنظيم الجماعة   ، يدعموا مثل هذه المليشيات بالرغم من معرفة ارتباطهم المشبوه بل المؤكد  المدعوم من الكيان الصهيوني الفاشي الغاشم  ، مما يشير إلى حالة انفصام و مكر  سياسي ، حيث أنهم يبكون على غزة و في ذات  اللحظة فرحين مستبشرين بما يحدث في سوريا بالرغم أن في  كلا الحالتين العدو واحد الثكنة العسكرية الصهيونية الأمريكية  ، في فكر دال على أنهم لا يرغبوا في تحرير الاوطان و أشاعة الحرية و الديمقراطية كما يدعون وانما يسعوا  للوصول و الاستيلاء على السلطة ، بأي ثمن و مهما  بلغت  التضحيات ، و بعض النظر من هو  الطرف الاخر عند  عقد الصفقات  مادامت الفتاوي المشروعة تفصل بما يخدمهم و وتبرر أفعالهم و الاستشهاد و الاستناد إلى الأحاديث الموضوعة الضعيفة لإطفاء صبغة القداسة على حتمية و شرعية أضعاف الأمة العربية ثم إعادة بناءها تحت قيادة جديدة  كما يدعوا و كما يدعي كل من يملك حالة من الوعي بنيت على رؤية العميان و وجوب طاعة الغلمان في إلقاء انفسهم في قدر ماء في درجة الغليان ، دون اعمال العقل أو الفكر الذي وهبه الخالق للإنسان. 

هؤلاء لا يعلموا أنهم اسوء من ابن العلقمي في هذا الزمن ،  عندما خانوا مصر و ليبيا و تونس و العراق و السودان و سوريا و  أشعلوا حرائق الهويات  الطائفية و تشكيل المليشيات العسكرية تحت مسميات دينية ، تنازعت قياداتها على رزم الدولارات الأمريكية  و ديننا الإسلامي منها براء و كل رسالة ربانية براء ممن يستخدمها  لتبرير و تضليل اناسه لخدمة مصالحه و نواياه في تمرير مخططاته الشيطانية مستفيدا من ضعف وعي و تضليل العامة و حرمة  نقاش قداسته أو الكشف عن أدواته أو دعوته إلى الاستيقاظ من غفلته  و التوقف عن ممارسة جهله الذي لا يصب الا في خدمة أعداء هذا الوطن وهذه الأمة المنكوبة المكلومة.

الغباء السياسي  لدى بعض التيارات  والجماعات و ذكاء ودهاء المخطط الصهيوامريكي الأوروبي و أحادية القطبية و هيمنتها هو من أوصلنا إلى هذا الواقع المرير ، هذا الواقع الذي بشرت به كوندليزا رايس و باركت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية لبعض هذه الجماعات وصولهم للسلطة و عرضت تعاونهم بما يخدم مصالحهم المشتركة .

ما وقع لسوريا كان مؤامرة كونية و لا مصلحة عربية الا بسوريا موحدة مستقرة و عودتها إلى حضنها العربي و عمقها العربي الاستراتيجي التي هي أيضا تمثل عمق له ، و على الدول العربية بأن تبادر بدعم سوريا و تصحيح الأخطاء التي بادرت و بدرت من بعض الدول التي ساهمت فيها و خاصة ( تلك الدول ) تعي مصلحتها بإعادة و عودة سوريا إلى موقعها المحوري الذي يشكل دعامة  للموقف العربي في التصدي لأي توجه أو نهج للإدارة الترامبية في المنطقة  مثلما كان الدور العراقي والمصري ، وهذا يتطلب إلى الاستدارة بشكل حقيقي و التنبه إلى بناء  مشروع عربي للتصدي لأي مخططات تجاه هذه الأمة ، وذات يوما دعا الملك إلى حلف عربي  فصار المشككين أنفسهم كالعادة  يهمزوا بقنواتهم المعهودة بجدوى اهمية ذلك الحلف العربي.

دعوة و تذكرة إلى شعبنا الاردني العظيم بعدم الانجرار و اتباع والاستماع إلى هؤلاء ، حيث أضعاف سوريا أو العراق و فلسطين  هو أضعاف للأردن لما تشكله دمشق وبغداد و القدس عمقا استراتيجيا لعمان و العكس ، وان كانت سوريا قلب العروبة النابض فأن عمان فكرها العروبي الوحدوي الذي كان يدعو له المشروع الهاشمي ، الذي سيبقى وطنها الاردني  عصي آبي عزيزا كريما أمنا مطمئنا مستقرا.