بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
علي ابو حبلة
لنجعل يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني التزاما دوليا لتحقيق العودة وحق تقرير المصير، وحشد القوى الدولية لوقف حرب الاباده في غزه وضرورة التوصل لوقف اطلاق النار وتطبيق قرارات الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال.
وبهذه المناسبة دعت لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتحقيق العدالة للضحايا، ودعم الحقوق التي طال انتظارها للشعب الفلسطيني، جاء هذا في الفعالية الخاصة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
في التاسع والعشرين من تشرين الثاني عام 1947 قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، متجاهلة رغبة سكانها الأصلين.. ولقد تم تمرير قرار التقسيم 181 بعد أن تم إحباط مشروع الحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية يبحث في قانونية ومشروعية التقسيم. ولم تكتف الدول المهيمنة بمجرد فرض رغبتها تلك، بل امتنعت أيضا عن تطبيق ما أقرته و بذلك تكون قد نقضت كل معايير الشرعية والعدالة.
وقد كان صدور القرار فرصة مواتية لشن حرب التطهير العرقي التي نظمتها العصابات الصهيونية آنذاك؛ الأمر الذي قاد إلى النكبة الفلسطينية عام 1948؛ حيث تم بالقوة والترهيب تهجير ومصادرة أملاك حوالي 80% من السكان الفلسطينيين وإعلان قيام دولة إسرائيل على 78% من أرض فلسطين.
وقد اعترفت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمسئوليتها المباشرة عن تدمير فلسطين عامي 1947-1948، وعن الأزمة المستمرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؛ وبناء على ذلك؛ أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1977 تبنيها ليوم التاسع والعشرين من شهر تشرين ثاني من كل عام، يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ اعترافا منها بمسؤوليتها عما نتج جراء إصدار قرار التقسيم وللتأكيد على أن القضية الفلسطينية بقيت بدون حل. ولكن هذا الاعتراف لم يلغ أن الأمم المتحدة فشلت في تطبيق قراراتها العديدة التي تحمي الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني بسبب غياب الإرادة السياسية للدول المهيمنة.
وأكثر من ذلك انه وبعد مرور 75 عاما، وبالتحديد في 29 تموز 2024، قالت محكمة العدل الدولية إن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني. وأوضحت أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن هذا الوجود غير القانوني.
جاء ذلك خلال جلسة علنية عقدتها المحكمة، صباح يوم الجمعة الواقع في 29 تموز 2024، بشأن طلب الجمعية العامة من المحكمة إصدار فتوى حول التبعات القانونية لسياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
وفي بداية الجلسة، قال رئيس محكمة العدل الدولية، القاضي نواف سلام إن الأمين العام للأمم المتحدة أبلغ المحكمة رسميا، في 19 كانون الثاني/يناير 2023، بقرار الجمعية العامة حول طلب الفتوى الاستشارية من المحكمة. وقرأ سؤالين نص عليهما القرار في الفقرة 18:
أولا، ما هي العواقب القانونية الناشئة عن الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ومن احتلالها الذي طال أمده، واستيطانها وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية، وطابع ووضع مدينة القدس المقدسة، ومن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية ذات صلة؟
ثانيا، كيف تؤثر سياسات وممارسات إسرائيل المشار إليها أعلاه على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي العواقب القانونية التي تنشأ لجميع الدول والأمم المتحدة من هذا الوضع؟
ورأت المحكمة أن الطابع المطول للسياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية يؤدي إلى تفاقم انتهاكها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. «ونتيجة للسياسات والممارسات الإسرائيلية التي امتدت لعقود من الزمن، فقد حُرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير على مدى فترة طويلة».
كما أن استمرار هذه السياسات والممارسات، وفقا للمحكمة، يؤدي إلى تقويض ممارسة هذا الحق في المستقبل. ولهذه الأسباب، ترى المحكمة أن سياسات إسرائيل وممارساتها غير القانونية تنتهك التزام إسرائيل باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
ان على حكومات الدول ان تلتزم بقرارات محكمة العدل الدولية وأن تلزم حكومة الاحتلال بإنهاء احتلالها ووقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وعلى ضوء استمرار الاحتلال والاستيطان وعمليات التهجير ومصادرة الأراضي، وفي ظل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي (الأبارتهايد) المفروض على الشعب الفلسطيني؛ يمكن ليوم التاسع والعشرين من تشرين ثاني 2024 أن يصبح يوما للتضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني، عبر تفعيل القوة الجماعية لمنظمات المجتمع المدني العالمية العاملة من أجل العدالة في فلسطين، من خلال القيام بما يلي:
رفع مستوى الوعي العالمي من خلال التأكيد على أن سياسة اسرائيل حيال الشعب الفلسطيني هي السبب الحقيقي للصراع، وهو العقبة الأساسية التي تمنع الوصول لحل دائم؛
تفعيل الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل و سحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها حتى تنصاع للقانون الدولي.
العمل على إخضاع مقترفي الجرائم الإسرائيليين ومنتهكي القانون الدولي، سواء كانوا دولا أو شركات، او جماعات أو أفرادا، للقانون الدولي وتحميلهم كامل المسؤولية ومقاضاتهم امام الهيئات المختصة.