"الإعلام والعوالم"

سهم محمد العبادي

 

الإعلام، تلك القوة العظمى التي يفترض بها أن تصحح المسار وتفتح العقول، وجد نفسه في بعض الأحيان أسيرًا في مؤتمرات تُقام تحت رعاية "العوالم".
نعم، ليس مجازًا، بل حرفيًا. فكيف يمكن أن نثق برسالة إعلامية حين يصبح ضيوف الشرف خبراء "الهز" بدلاً من خبراء "الرؤية"؟

المؤتمر يبدأ بكلمة رئيس اللجنة المنظمة، وهي بالطبع "مدير الإنتاج الإعلامي" الذي يُتقن أكثر من غيره فن الترويج للتفاهة.
بعد دقائق من المصطلحات الرنانة مثل "الرسالة الإعلامية" و"دور الإعلام في التنوير"، تجد نفسك فجأة أمام "فقرة استعراضية"، حيث يتحول المؤتمر إلى سهرة ملونة على أنغام التصفيق، مع وعود كبيرة بحلول لمشاكل الإعلام... دون أي حلول فعلية.

ولأن "العوالم" خبراء في خطف الأنظار، فلا عجب أن تتحول النقاشات إلى منافسة في اللباقة والظهور، حيث تُطرح القضايا الوطنية بلمسة مكياج لامعة وشعارات مبالغ فيها، حتى يخيل لك أنك لست في مؤتمر إعلامي بل في إعلان مبالغ فيه لأحدث منتجات الفوضى الفكرية.

أما النتائج؟ لا تقلق، فهي تُختتم بـ"الدبكة الجماعية" بين الإعلاميين والحاضرين، حيث تُدفن القضايا الحقيقية تحت أصوات التصفيق والضحك. والرسالة التي تصل إلى الجمهور في النهاية هي: الإعلام ليس إلا وصلة استعراضية برعاية "نجوم الشباك".

إذا استمر هذا المزج العبثي بين الإعلام و"العوالم"، فقد نجد قريبًا نشرة الأخبار تُقدم على إيقاع الدفوف، وبرامج النقاش تُدار من منصة راقصة، العاجل على وحدة ونص.

وفي النهاية، سيبقى السؤال: من يقود من؟ الإعلام أم العوالم؟!