خطبة العرش.. قراءة دستورية
د. محمد رحامنه/ الجامعة الأردنية
أرسى المشرع
مبدأ الفصل بين السلطات، وأناط السلطة التنفيذية بالملك، وجعل مجلس الوزراء المكنة
الدستورية التي يمارس الملك تلك السلطة بواسطتها، كما أناط السلطة التشريعية بكل
من مجلس الأمة والملك، وجعل السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم.
إن التنظيم
السابق يهدف تحقيق التعاون والاتساق في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية؛
فالسلطات يفترض أنها لا تعمل فرادى، وإنما بتوافق يضمن تحقيق الصالح العام في
الدولة.
تطبيقًا
لذلك فإن المشرع أوجب اجتماع مجلس الأمة في جلسة مشتركة في بداية كل دورة عادية؛
يلتقي فيها الملك مع المجلس؛ فيلقي خطبة العرش، تلك الخطبة التي تأتي بعد عطلة
برلمانية؛ فيحيط الملك المجلس علمًا بما حدث في تلك الفترة، كما يعرض لهم خطة
السلطة التنفيذية للفترة المقبلة وأبرز اهتمامات الدولة؛ بما يضمن اتساق السلطتين
في العمل بما يخدم مصالح الدولة.
إن الملك إذ
يفتتح الدورة العادية ويلقي خطبة العرش إنما بصفته سلطة تنفيذية؛ فالمشرع سمح
للملك إنابة رئيس الوزراء أو أي من الوزراء لإجراء مراسم الافتتاح بما في ذلك
إلقاء تلك الخطبة، كما أنه في الوقت نفسه إنما يلقي تلك الخطبة بصفته رأس الدولة.
من جهة أخرى
فقد أوجب المشرع على مجلسي الأعيان والنواب تقديم عريضة متضمنة جوابًا على تلك
الخطبة، وإن هذا الالتزام الدستوري يهدف تحديد موقف كل من مجلسي الأعيان والنواب من
خطبة العرش وما تتضمنه من خطط للفترة المقبلة؛ الأمر الذي يفتح المجال واسعًا لكلا
المجلسين لتحديد الموضوعات ذات الأولوية لتحقيق الصالح العام في الدولة.
اليوم، وحيث
قدم كل من مجلسي الأعيان والنواب ردهما على خطبة العرش فإن كلًا منهما أضحى ملزمًا
دستوريًا بمضامينها؛ سندًا للجواب/ الرد الصادر عن كل منهما.
بناءً على
ما تقدم يمكن القول إن أساس التزام مجلسي الأعيان والنواب بمضامين خطبة العرش هو
الرد الصادر عنهما تجاه تلك الخطبة، تطبيقًا لنص المادة (25) من الدستور التي جعلت
مجلس الأمة جزءًا من السلطة التشريعية إلى جانب الملك، ولم تجعله مكنة دستورية كما
هو الحال بشأن مجلس الوزراء وفق أحكام المادة (26) من الدستور.
د. محمد رحامنه/ الجامعة الأردنية