إنقاذ الاقتصاد الأردني بين غرفة الإنعاش وخطط التحديث الاقتصادي للديوان الملكي
هاني الدباس
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه الأردن، اتخذت الحكومة إجراءات مؤقتة لتخفيف وطأة الأزمات. ومع ذلك، فإن الاعتماد على هذه الحلول وحدها لا يكفي لتحقيق استدامة الاقتصاد. هنا تأتي أهمية خطط التحديث الاقتصادي التي أطلقها الديوان الملكي الهاشمي برعاية جلالة الملك عبد الله الثاني، والتي تهدف إلى بناء رؤية طويلة الأمد لتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وزيادة تنافسية الاقتصاد الأردني.
الحلول المؤقتة: غرفة الإنعاش الاقتصادية
الحكومة تبنت تدابير سريعة شملت:
•دعم الأسر ذات الدخل المحدود: عبر برامج حماية اجتماعية.
•إعادة جدولة الديون: لتخفيف العبء المالي.
•تشجيع السياحة الداخلية: بعروض مخفضة.
•برامج تشغيل مؤقتة: لتقليل البطالة.
•إعفاءات ضريبية: لدعم القطاعات المتعثرة.
رغم أن هذه الخطوات تخفف الضغط الفوري، إلا أنها لا تقدم حلولًا دائمة. وهنا تبرز أهمية خطط التحديث الاقتصادي للديوان الملكي، التي تسعى لتحويل التحديات إلى فرص استثمارية وتنموية.
خطط التحديث الاقتصادي: خارطة طريق طويلة الأمد
رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها الديوان الملكي تركز على محاور استراتيجية تسعى إلى تحقيق نمو مستدام وشامل، مع معالجة الجذور الهيكلية للأزمة الاقتصادية. من أبرز ملامحها:
1. تعزيز بيئة الاستثمار
•إصلاحات تشريعية: لتسهيل ممارسة الأعمال وجذب الاستثمارات.
•تحفيز الاستثمار في القطاعات الحيوية: مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
•مثال عالمي: الإمارات العربية المتحدة نجحت في جذب استثمارات ضخمة من خلال سياسات واضحة وداعمة للاستثمار.
2. تمكين الشباب وتطوير المهارات
•إصلاح التعليم: من خلال مواءمته مع متطلبات سوق العمل.
•برامج تدريب مهني وتقني: لتأهيل الشباب للمنافسة في قطاعات مثل التكنولوجيا الرقمية والصناعات المتقدمة.
•مثال عالمي: فنلندا طورت نظامًا تعليميًا رائدًا يركز على الابتكار وتلبية احتياجات الاقتصاد.
3. تنويع مصادر الدخل
•الاعتماد على قطاعات جديدة: مثل الاقتصاد الأخضر والسياحة العلاجية.
•زيادة التصدير: عبر توسيع الأسواق الخارجية.
•مثال عالمي: فيتنام حققت نجاحًا كبيرًا بزيادة صادراتها الزراعية والصناعية.
4. تطوير البنية التحتية
•استثمار في النقل والطاقة والمياه: لتعزيز تنافسية الاقتصاد ودعم الصناعات.
•مثال عالمي: ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية استفادت من خطة مارشال لإعادة بناء بنيتها التحتية.
5. تحقيق العدالة الضريبية
•إصلاح النظام الضريبي: لزيادة الإيرادات دون الإضرار بالطبقات الوسطى والفقيرة.
•مثال عالمي: إستونيا اعتمدت نظامًا ضريبيًا رقميًا وشفافًا عزز بيئة الأعمال.
6. الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار
•دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة: لتصبح قاطرة للنمو الاقتصادي.
•مثال عالمي: كوريا الجنوبية استثمرت في التكنولوجيا والبحث العلمي لتصبح من أكبر اقتصادات العالم.
التكامل بين الحلول المؤقتة وخطط التحديث
•الحلول المؤقتة:
•تمنح الاقتصاد دفعة قصيرة الأمد.
•مثل "غرفة الإنعاش” التي تحافظ على استقرار المريض، لكنها لا تعالج المرض.
•مثال: برامج التشغيل المؤقتة تخفف البطالة على المدى القصير، لكنها لا تحل مشكلة ضعف سوق العمل.
•خطط التحديث الاقتصادي:
•تُعد بمثابة "عملية جراحية” لمعالجة جذور الأزمات.
•تركز على استدامة النمو وخلق فرص عمل دائمة.
•مثال: تمكين الشباب ودعم الابتكار يعزز الإنتاجية ويزيد من تنافسية الاقتصاد.
الدور المحوري للديوان الملكي
الديوان الملكي الهاشمي يمثل المحرك الأساسي لرؤية التحديث الاقتصادي من خلال:
1.التوجيه الاستراتيجي: وضع رؤية شاملة وطموحة للاقتصاد.
2.ضمان الاستقرار السياسي: الذي يُعتبر أساس جذب الاستثمارات.
3.التحفيز والتنسيق بين الجهات المعنية: لضمان تنفيذ الخطة بشكل متكامل.
4.التركيز على الإنسان: من خلال الاستثمار في التعليم، الصحة، والحماية الاجتماعية.
الخاتمة: الأردن في مرحلة تحول اقتصادي
رؤية التحديث الاقتصادي للديوان الملكي تقدم خارطة طريق توازن بين الحلول المؤقتة والطويلة الأمد، وتضع الأسس لنمو اقتصادي مستدام.
•دروس من العالم:
•مثل الإمارات وكوريا الجنوبية، يمكن للأردن أن يستفيد من استثمارات استراتيجية وتوجه نحو القطاعات المستقبلية.
•مثل ألمانيا، يمكن للأردن أن يُعيد بناء اقتصاده عبر الاستثمار في البنية التحتية.
مع الالتزام بتنفيذ هذه الرؤية، يمكن للأردن أن ينتقل من مرحلة إدارة الأزمات إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، مما يجعله نموذجًا يحتذى به في المنطقة.