هامش المناورة «داخلياً وخارجياً» يضيق.. أمام مجرم الحرب نتنياهو
محمد خروب
استكمالاً لمقالة أمس/الأحد, وما حفلت به صحافة العدو الصهيوني من تعليقات وتحليلات وآراء, تستبطِن ــ من بين أمور أخرى ــ شماتة وتشفٍ بنتنياهو, وإتهامه باللجوء الى شتى أساليب الخداع والمراوغة, بهدف التهرّب من تشكيل لجنة تحقيق «رسمية» يرأسها قاضٍ من المحكمة العليا, وتكون توصياتها وقراراتها, غير قابلة للإلغاء او التعديل,(على عكس ما تكون عليه لجنة تحقيق «حكومية», يُصِر نتنياهو على تشكيلها, للنظر في «إخفاقات» 7 اكتوبر/2023, حيث لا يتم الإلتزام بتوصياتها, ويمكن للحكومة حلّها أو تغيير أعضائها, او عدم نشر ما آلت اليه تحقيقاتها). فإن ما يلحظه مُتابعو المشهد الصهيوني المُحتقن سياسيا وعسكريا في دولة العدو, ليس فقط بعد صدور مُذكرتَي الإعتقال بحق نتنياهو وغالانت (يسعى نتنياهو لطرد غالانت من «الليكود», عبر مُراقبة تصريحاته وإعتباره «مُنشَقاً» عن الحزب, ما يعني عدم السماح بترشّحه في إنتخابات الكنيست المقبلة), بل خصوصا في الحملة الضارية التي شرعَ نتنياهو بشنّها على «الكابينت», والمستوى العسكري/ اوساط غالانت وهاليفي, باتهامهما تسريب تقارير ومُداولات, أسهمت في «تشديد» حركة حماس مواقفها من صفقة تبادل الأسرى.
كيف «قرأ» كُتاب الإفتتاحيات وأصحاب الأعمدة ومقالات الراي في دولة العدو, ملابسات وتداعيات صدور مُذكرتي الأعتقال بحق مُجرمَيً الحرب/نتنياهو وغالانت؟.
كتبَ يوسي فيرتر في «هآرتس» مقالة تحت عنوان طويل مفاده: (المستشارة القانونية للحكومة, تُدرِك أن مبادرتها ستُدمر النيابة العامة، وأن «لفين» سَينقضُ على جثتها مثل النسر الجائع) جاء فيها: نتنياهو هو الذي جرّ قرار حُكم المحكمة في لاهاي على نفسه. الآن هو يتباكى على اللاسامية ودرايفوس. أيضا في مجالات أخرى ــ تابعَ فيرتر ــ هو يُركز على تشكيل رؤية الواقع, بدلا من التركيز على الواقع نفسه. من الرمزي ــ أردفَ الكاتب ــ أن قرار محكمة الجنايات في لاهاي, إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالنت, جاء بعد المناورة الرمزية في مسلسل (هكذا سندفِن لجنة التحقيق الـ«رسمِية»). مبادرة نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق «حكومية»، التي لا تحتاج الحديث عنها مُطولا، باستثناء أن ما يتم اقتراحه فيها كالعادة،هو على أساس إعتقاده بأننا جميعا اغبياء. هو ــ واصلَ فيرتر ــ سيُشكل لجنة الأعضاء فيها سيتشاجرون فيما بينهم من الصباح وحتى المساء, ويستمرون في تعويق هذا الامر الى آخر الزمان. في هذه الاثناء لن يتم تشكيل «لجنة أخرى» حسب تعبير مشروع القرار المُتحايل.
أما ناحوم برنيَّاع فكتب مقالة في «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان: «كيف يُنحي الآخرين؟... أمر الاعتقال بلا أساس وكذا الرد عليه», قال فيه: نتنياهو تلقى الى جانب غالنت امر اعتقال دولي من المحكمة في لاهاي. الامر سطحيا بلا أساس، لكن هكذا أيضا بيان الضحية الذي نشره نتنياهو، وشبه فيه نفسه بـ«درايفوس». يُخيَّل لي ــ أضافَ برنيّاع ــ انه كان سيكون اكثر دقة, لو أنه شبه نفسه بـ«ميكافيلي». بعد يومين من بدء الحرب «واصلَ الكاتب» استدعى نتنياهو وزير الدفاع/غالنت ورئيس الأركان/هليفي الى لقاء سِري ثلاثي. صدمة الإخفاق كانت في ذروتها. الشارع كان يُريد أن يُنحّي الجميع، من رئيس الوزراء فدونه. «انا كُنت في هذه الأوضاع»، قال نتنياهو. «تذكروا: نحن ملزمون بان نبقى موحدين».
في الغداة ــ إستطردَ الكاتب ــ بدأت آلة السُم «البيبية» تُهاجِم غالنت وهليفي. مرَ يوم آخر، ونتنياهو اقترحَ إقامة «كابينت طواريء»، مع اللواء المتقاعد/اسحق بريك وغابي اشكنازي. «بريك» كان في حينه حبيب نتنياهوــ أوضحَ برنيّاع ــ فقد وفّرَ له مُبررات ضد توسيع الحرب وضد قيادة الجيش. لعل القصة ستجد مكانها في كتب السيرة الذاتية التالية لنتنياهو, كدليل لمدى قدرته التركيز على ما هو هام له حقا، قُدرته على ان يخدع الناس، ان يفعل الشيء ونقيضه, حتى عندما يكون حسب كل الشهادات غارقا في الصدمة ولم يؤدِ مهامه. التحقيق في القرارات التي اتخذها منذ 7 أكتوبر ــ لفتَ الكاتب ـ مُشوقة بقدر لا يقل وربما اكثر, من التحقيق في القرارات حتى 7 أكتوبر. لا تقلقوا ــ ختمَ برنيّاع ــ لا هذه ولا تلك سيُحَقَّقُ فيها، ليس في عهد الحكم الحالي.
* استدراك:
«بتسيلم»: يجب على «جميع الدول» تنفيذ مُذكرات اعتقال نتنياهو
قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم»: إن «إصدار مذكرات التوقيف الدولية ضد قادة دولة إسرائيل، للاشتباه بمسؤوليتهم ومشاركتهم في ارتكاب جرائم التجويع والاضطهاد والهجمات المُتعمدة ضد المدنيين، يُعدّ من أدنى النقاط في التاريخ الإسرائيلي». وأضافَ «بتسيلم»: للأسف، وبناءً على كل ما نعرفه عن تصرفات إسرائيل في قطاع غزة خلال العام الماضي ــ والتي تمت بعلم وتوجيه رئيس وزراء إسرائيل ومجلس الوزراء ــ لا نُفاجأ بأن الأدلة تشير فعلا إلى أن نتنياهو وغالانت, مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». وتابعَ المركز أن تحميل صُنّاع القرار «المسؤولية الشخصية» هو عنصر أساسي في النضال, من أجل تحقيق العدالة والحرية لجميع الأشخاص, الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر. لذلك «يجب على جميع الدول الأعضاء, احترام قرار المحكمة وتنفيذ أوامر التوقيف».