«الأردن أولًا».. حمى الله «النشامى النشامى»

عوني الداوود

إذا كان الرئيس المنتخب لأعظم دولة في العالم يرفع شعار «أمريكا أولًا»، ألا يحقّ للأردن أن يرفع هذا الشعار؟ من حق الأردن – بل في مقدمة الواجبات والأولويات – الدفاع عن أمنه وأمانه ومصالحه. فالأردن، كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين منذ أيام، هو «دولة راسخة الهوية، لا تغامر في مستقبلها، وتحافظ على إرثها الهاشمي وانتمائها العربي والإنساني»، ومؤكِّدًا جلالته: «مستقبل الأردن لن يكون خاضعًا لسياسات لا تلبّي مصالحه أو تخرج عن مبادئه».

 لا أحد يزايد على الموقف الأردني الرسمي والشعبي، فكلاهما في خندق واحد دفاعًا عن الأردن أولًا. ولا أحد يزايد أيضًا على الموقف الأردني الأنصع بياضًا وشفافيةً وصدقًا تجاه القضية المركزية الأولى: «فلسطين»، ليس فقط منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل منذ أكثر من 75 عامًا تجاه القضية الفلسطينية، التي يعتبرها الأردن قضيته المركزية. لا بل ويعلن جلالة الملك مرارًا وتكرارًا بأن «بوصلة الأردن ستبقى فلسطين وتاجها القدس الشريف»، ويؤكد منذ أيام في خطاب العرش أيضًا بأن «قدس العروبة ستبقى أولوية أردنية هاشمية».

«الأردن أولًا» بالنسبة للأردنيين وللهاشميين تاريخيًّا تعني فلسطين، وتعني المقدسات، وتعني الوصاية الهاشمية، وكل ذلك بالنسبة للأردن يدخل ضمن الترجمة الحقيقية لشعار «الأردن أولًا»، لأن القضية الفلسطينية قضية استراتيجية بالنسبة للأردن العروبي والقومي، الذي لا يزال يطلق على جيشه الباسل اسم «الجيش العربي المصطفوي». «الأردن أولًا» تعني للأردن عمقه العربي، وهو السبّاق دائمًا – رغم إمكاناته المتواضعة – لتقديم العون والمساعدة، ليس للعرب فقط، بل وللبشرية جمعاء. لأن الأردن قيادةً وجيشًا وشعبًا «مملكة سلام» وواحة أمن وأمان، والشواهد عبر التاريخ كثيرة. ولذلك كان الأردن، بجيشه ورجال أمنه، الأكثر انتشارًا في جميع دول العالم ضمن قوات حفظ السلام، لما يتمتع به الأردن ملكًا وجيشًا وشعبًا من احترام وثقة وتقدير.

لا يجوز أبدًا العبث بأمن الأردن، ولا يجوز أبدًا السماح بأي تجاوزات عبثية إرهابية تُروِّع أو تُزعزع أمنه وأمانه. ولا يجوز السماح لمن يحاول، أو تسوِّل له نفسه، محاولة خرق السفينة بمعاول هدم. بل يجب الأخذ على يده، والضرب بيد من حديد، من أجل أمن الوطن وسلامة الجميع.

رجال القوات المسلحة البواسل، ورجال الأمن حماة الوطن، الذين يذودون عن حماه، ويواصلون الليل مع النهار. جيش مرابط على الحدود في مواجهة حرب حقيقية ضد عصابات السلاح والمخدرات والحشيش. وأجهزة مخابرات فرسان الحق، وأجهزة أمنية، كلها تحمي الأردن في الداخل والخارج. وهؤلاء جميعًا خط أحمر لا يجوز أبدًا السماح لأي كان بالإساءة إليهم، أو استهدافهم، أو الاعتداء عليهم.

 قوة ومنعة الأردن في مواجهة توترات الإقليم وتداعياته تكمن في تماسك ومتانة وقوة جبهته الداخلية، والالتفاف حول القيادة الهاشمية وقواتنا الباسلة وأجهزتنا الأمنية المظفَّرة. فهؤلاء هم أبناؤنا الذين «أدّوا التحية للعلم ولبّوا الواجب بكل شرف، وسيبقى جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية مصدر فخر واعتزاز لوطنهم وأمتهم»، تمامًا كما قال جلالة الملك. فهم على العهد دائمًا. حمى الله الأردن ملكًا وجيشًا وشعبًا. حمى الله من هم على العهد دائمًا. حمى الله «النشامى النشامى».