يوم عودتي للنشامى
كاظم البرجس آل طوقان
قبل عدة أعوام غادرت الأردن إلى دبي بعد إقامة دامت نحو ٤ أعوام ونيف وكتبت حينها مقال وداع بعنوان " يوم وداعي للنشامى" ، غادرت الأردن وقتذاك بشعور كبير من الحزن لايوازيه إلا فرحي بالعودة له مجدداً ، عودة كنت أخطط لها منذ فترة طويلة بهدف رؤية الأصدقاء والأقارب لكن وفاة والدي رحمه الله ، ورغبتي برؤية عمي ، الذي يذكرني بفقيدنا ، جعلتني أذهب للأردن مباشرةً بعد انتهاء العزاء في الرياض ،
وما إن انهيت إجراءات الدخول بسيارتي من الجانبين السعودي والأردني حتى هبت علي مع نسمات الهواء الباردة ، ذكريات ما غادرتني لحظة ، ذلك أنه في كل منطقة في المملكة الهاشمية لدي ذكريات مع أصدقاء من مختلف الجنسيات ، منهم من غادر إلى دول مختلفة ومنهم من بقي في الأردن ، كانت أول مدينة سأمر فيها هي الزرقاء وهناك كان لقاء الدموع مع زميل قديم لي وفي الطريق للزرقاء وقفت بجانب دورية بصدد سؤالهم عن الذهاب لمنزل صديقي ، لم يكتفِ ضابط الدورية بإرشادي لوجهتي بل أصر علي "بإلحاح النشامى المعتاد" أن يستضيفني في بيته في عجلون وطلب مني تحديد الوقت للذهاب له ، احترمت ذلك وثمنته وشرحت له ضيق وقتي والظرف الذي أعيشه ، وبعد الزرقاء كانت المحطة الثانية لقاء عمي في بيته بالرمثا، احتضنه كطفل يحضن أباه ، كان شعوراً ممزوجا بين الشوق لعمي الذي لم أره منذ أعوام وشعور الحزن لوفاة والدي رحمه الله ، ثم بعد ذلك كانت محطتي الأخيرة عمان ، و "على طريق السلط" كان لزاماً أن أمر على منزل صديقي محمد العواملة الذي كان يتابع تنقلاتي أولاً بأول ، وأي أرض تقلني وأي سماء تظلني ، إذا لم أمر عليه ؟ ، التقينا ، استذكرنا أيام العمل في أول قناة فضائية عملنا بها في عمان ، استحضرنا مواقف وذكريات مضت مع أشخاص منهم من مات ومنهم من انتقل لقنوات أخرى.
التقيت في عمان بعدد من الأصدقاء و زملاءً صحفيين عملنا معهم سويةً ، زملاء مكتب العربية في عمان ، عائلات سورية كانوا بمثابة أهلي الذين لم أرهم منذ ١٢ عاماً البعض من المعارف الطيبين التقيته لمدة ساعة وربما أقل بسبب ضيق الوقت وتعذر التوقيت المناسب بين وقتي وفراغ الطرف الآخر بسبب ظروف عمله والتزاماته ، وهنا أعتذر صراحةً من الأهل الكرام والإخوة الذين حيل بيني وبينهم بسبب ضيق الوقت والتهاب الجيوب الأنفية الذي باغتني فجأة لدرجة أن "المعزب " معاذ قد أصابه الزكام بسببي وهو ما أشعرني بالخجل منه صراحةً.
لدي حب كبير لعمان وكل نقطة فيها حاولت ما استطعت أن استذكر ذكرياتي فيها، حتى المسجد الذي كنت ارتاده ذهبت للصلاة فيه، و وددت أن أرى العم "أبو سابا" ، المسيحي الطيب صاحب المنزل الذي كان قرب المسجد المذكور
كل شيء في عمان والمملكة ، يتغير ، نحو الأفضل طبعاً والحمد لله ، لكن الثابت كرم وطيب النشامى ، الذين يقيم في ضيافتهم عدد كبير من السوريين ، لم تسجل يوماً بحقهم حالة عنصرية ، ولم يضق النشامى ذرعاً بضيوفهم تحت هذا المسوغ أو ذاك ، رغم كل التحديات والظروف ، لذلك أقول شكراً للنشامى وحفظ الله بلدكم الطيب ، على أمل اللقاء القادم بحول الله