"من أولها".. الصفدي يقطع رأس القط مع "الإخوان".. والجماعة "جنب الحيط يارب السترة"

فرح سمحان 


انتهت "فانتازيا" التوقعات التي أخذ منها المحللون والباحثون مادة دسمة في الأشهر الماضية عن شكل اللقاء الأول الذي جمع 138 نائبًا تحت القبة، إذ كان التوافق ومحاولة إظهار أفضل نسخة، أمر من السهل ملاحظته للجميع، على الرغم من محاولات البعض المشاكسة أو بالأحرى قطع رأس القط من البداية، وبكل الأحوال سار البروتوكول المعمول به بعد افتتاح الملك  للدورة العادية الأولى لمجلس الأمة  بخطاب العرش السامي ، بإجراء انتخابات المكتب الدائم ،وهي اللوحة مرسومة المعالم منذ مدة ، ومعروف أن أحمد الصفدي هو صاحب النصيب بالعودة إلى مقعده كرئيس للمجلس من جديد، والصفدي حقق الاكتساح على من يصفه "بالمعلم" المخضرم صالح العرموطي بـ 98 صوتًا، مقابل 37 منها 31 صوتًا يمثلها كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي ، أي أن 6 من خارج نطاق الإخوان صوتوا للعرموطي، لكن الرقم لن يحدث فرقًا طالما أن النتيجة بالمحصلة محسومة. 

الصفدي قريب وعلى مسافة واحدة من الجميع حتى وأن كان يحبذ البعض عدم عودته للرئاسة على اعتبار أن المرحلة تحتاج "دماء جديدة صافية" ، لذلك لم يكن صعبًا تخيل المشهد الذي جمعه مع العرموطي بعد فوزه في الرئاسة، على اعتبار أنه كان يميزه عن غيره من النواب ، وهناك مواقف كثيرة تشهد على ذلك برزت في المجلس السابق، على العموم رحلة شقاء الصفدي لن تكون مع العرموطي؛ لأن الأخير مرجعية وقامة لا مساس بها، لكن الصفدي واجه اليوم أول مشادة حصلت عند بدء انتخاب نائبي الرئيس، إذ احتج عليها النائب المحسوب على جبهة العمل الإسلامي أحمد القطاونة ، بذريعة أنه رفع يده لترشيح نفسه ولم يلتفت له أحد ، ليرد الرئيس "من أولها أبو مجاهد"، هذا المصطلح قد يصف أن القادم في شكل العلاقة بين النواب أنفسهم ، وحتى مع الحكومة لم تتجلى ملامحه بعد، وتعدد الأمزجة والطبخ على نار هادئة ، كفيل أيضًا بإظهار حالة من التشويش والإثارة بشأن المرحلة المقبلة التي انتهت بمكتب دائم له نكهة حزبية وسطية معتدلة. 

بكل الأحوال ما كان ممكنًا بالشكل الحالي وصول أي اسم من أعضاء كتلة جبهة العمل الإسلامي إلى مواقع في المكتب الدائم ، لأن التركيبة برمتها لا تحتمل وجود عنصر كيميائي شاذ أو خارج عن المألوف، وبالتالي حصول الإخوان على 31 مقعدًا وأعلى الأصوات في الانتخابات النيابية هو تمثيل خالص لإرادة الشعب، بينما القصة مختلفة تحت القبة؛ لأنها تبنى ويؤسس لها وفق اعتبارات وممكنات أكبر من نطاق التصويت المجرد، وحتى تجري الرياح كما تشتهي السفن، كان مطلوبًا من الإخوان إظهار لمسة قرب وود لزملائهم، وهذا ما يفسر على أنه سير "بجانب الحائط" على الأقل حاليًا، وللعلم إصرار العرموطي على الترشح كان لإيمانه بالأحقية ومن منطلق الديمقراطية، فيما كان حتمًا يعلم أن خسارته أمام الصفدي أمر لا مفر منه. 

مجلس النواب العشرين سيكون نسخة موسعة عن المجلس التاسع عشر، وبمذاق حزبي متعدد النكهات، إذ لن يكون الصفدي هذه المرة الرئيس فقط ، بل عليه أن يعيش دور الطبيب النفسي الذي يعرف كيف يمتص غضب مريضه ويهدئ من روعه بأقل الخسائر الممكنة، لن يكون سهلا أن يظهر الرئيس المتوازن انحيازه لأحد، فهناك حيث تعقد الجلسات ويشتد وطيس المعركة 138 صوتًا ما بين تأييد ومعارضة ، واعتراض وصراخ، وانتقاد وغيرها من التقلبات السيكولوجية التي لا ولن تنتهي.