يا اللي ظلمتوا .. الحب !

رنا حداد

برامج واقعية تقدم الحب على شكل وجبة درامية «لذيذة» و «مودرن» ، تجذب الجمهور وتحصد المتابعات.

حب محاط بالكاميرات، ولا نعرف كمشاهدين ان كان هذا الحب «سيناريو» معد مسبقا، ام انه وليد البيئة التي اوجدها صناع هذه البرامج، برامج الواقع التلفزيونية.

تجارب يتنافس فيها متسابقون، والهدف النهائي هو الظفر بحب حقيقي، نعم حب وارتباط بمعنى الزواج ، فهذا اساس الظفر ايضا بالجائزة المالية ، وليس الشهرة وتحقيق مكاسب اخرى كما قد نظن نحن جيل « اللا برامج واقعية» الذين نظن، بل خضنا تجارب الحب بعيدا عن الكاميرات والتفاعل الرقمي مع مشاعرنا، وانما شهدنا اختبارات الحب في قلوبنا بعيدا عن تفاعل و «تكبيس « الجمهور، خوفا، نعم خوفا من مجتمعاتنا وذوينا ، والاهم حرصا على من نحب ، وايضا نحن الاجيال التي مرت مشاعرها في هذه الحياة من دون تصويت لجان وجمهور حتى تبقى او تغادر ، لطالما امانا بأن الحب لا يعيش في بيئة مصطنعة مليئة بالرعاة والأضواء، وتغذيه اضاءة وشاشات.

لا أعتقد بأن ما يحدث في هذه البرامج، والتي تنال بالمناسبة نسب مشاهدة وتفاعل قوي في صفوف الشباب اليوم، يتعدى الترفيه والدراما، لكن من باب ان ما يقدم تحت عنوان القسمة والنصيب والحب اعتمادا على ثرثرة واستعراضات للمفاتن والأحاديث وحتى العراكات، هذه جميعها اسفاف لأي علاقات انسانية، فما بالكم بالحب «يا عيني عليه». !

فخار يكسر بعضه، قد نقول سيما ان المشاركات المحلية شبه معدومة من مجتمعنا وشبابنا في مثل هذه البرامج، نعم، لكن الضرر يتخطى المشاركة إلى التأثر التربوي والفكري عند شبابنا بمثل بهذه البرامج المقلدة التي صممت حتى تنافس الاستحواذ على أعلى نسب مشاهدة في سباق البرامج المحموم نحو الشهرة وحصد التفاعل.

لربما نتفق جميعا «بمثل هذا المحتوى المبتذل» انها برامج تتجاوز المحاذير والممنوعات المجتمعية، بل تتجاوز المعايير الأخلاقية والأسرية والعاطفية أيضا.

فيما مضى كانت الدراسات الاجتماعية تؤكد ان القيم تتغير كل 10 سنوات داخل المجتمع الواحد، اليوم يمكن لبرنامج تلفزيون واقع واحد بموسم واحد يبث على مدار شهرين ان ينسف القيم المجتمعية لانه يوجه بذكاء نحو اهم عناصر التغيير المجتمعي، الشباب.

برامج تستهدف الفوز ب «اللقب» وليس «القلب» وتتطلب التمثيل والظهور الجيد امام الجمهور ، في بيئة تنافسية والاهم هو الاسقاط الغربي على مفهوم الحب والارتباط وهذا لا يصلح مع حالتنا العربية التي قدست عاطفة الحب منذ الجاهلية وحتى عصر الذكاء الاصطناعي.

حب معلب مناط بمدى صلاحية لا يشبه بتعريبه او محاولات ذلك، حبنا الذي تميز منذ دقة القلب الاولى بالفطرة السليمة للحب.