قراءة معمقة للمشهد
د. عبدالحكيم القرالة
بعث خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في القمة العربية الاسلامية غير العادية في الرياض برسائل موضوعية وواقعية شخصت الحال المؤلم والخطير الذي تعيشه المنطقة برمتها في ظل تسيد العنف للمشهد الاقليمي بكليته واقصاء للجهود الدبلوماسية والسياسية التي تكمن فيها الحلول وانتشال المنطقة من براثن هذه الفوضى الهدامة.
وكما العادة بلغة جزلة وقوية وضع جلالته جميع الاطراف في المنطقة والعالم امام مسؤولياتهم القانونية والاخلاقية والانسانية التي تستدعي التحرك الفوري لايقاف كل هذا الاجرام الذي ترتد اكلافه الباهظة انسانيا وامنيا على المنطقة والعالم.
حديث جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي اتسم بالحسم والجرأة، وضع يده على جرح فلسطين النازف منذ عقود ما يتطلب وقفة جادة وارادة حقيقية من كافة الاطراف ان تؤدي واجبها تجاه الفلسطينيين باعادة حقوقهم المسلوبة واقامة دولتهم المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني.
وفي هذا لم يغب عن بال جلالته وضع الجميع بالحالة القاهرة والمميته التي يعيشها الفلسطينيون في غزة ما يتطلب ضرورة كسر الحصار عن الغزيين وايصال المساعدات الانسانية والطبية والاغاثية لتخفف من هول الكارثة شريطة استدامتها وكفايتها، في ظل عرقلة اسرائيلية ممنهجة.
الخطاب الملكي نبه الجميع الى ما يحدث في الضفة الغربية من انتهاكات صارخة وما يواجهه الأهل من عنف وتطرف وبالتوازي شدد على ضرورة الوقوف الى جانب الاشقاء اللبنانيين في ظل ما يواجهونه من ظروف انسانية صعبة.
قراءة ملكية معمقة ودقيقة لواقع المشهد الاقليمي والذي لطالما حذر منه في ظل تدحرج كرة اللهب ما يشي باننا على ابواب واتون حرب اقليمية شاملة سيدفع المنطقة الى منزلقات خطيرة ومرحلة اللاعودة حينها لن يسلم احد من تداعياتها وارتداداتها السلبية.
فكر ملكي مستنير ومستشرف للاحداث يصف الواقع وتحدياته ويضع حلولا ناجعة لتجاوز كل هذه التحديات الجمة بالاشارة الى مغذيات ومبررات هذا العنف والذي لابد من جهد دولي تشاركي وتكاملي يقوم على اطفاء نيران هذا العنف والتأسيس لمأسسة عملية دبلوماسية وسياسية تقوم على احياء فعلي لعملية السلام وصولا لسلام دائم وشامل تتوق له دول وشعوب المنطقة.
وفي هذا لا يختلف اثنان حول جوهرية الرؤية الملكية التي يحملها جلالته بان حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع وبالتوازي التأكيد على ان المنطقة لن تنعم بالامن والاستقرار دونما حل يعيد الحقوق للاشقاء بإقامة دولتهم ذات السيادة والقابلة للحياة.
جملة القول؛ يبقى جلالة الملك عبدالله الثاني المدافع الاول عن فلسطين ويحمل عدالة قضيتها اينما حل وارتحل وفي كل محفل ليعيدها الى صدارة المشهد ويضع الجميع امام مسؤولياته بكل جرأة وقوة وبخطاب موضوعي يشخص الواقع بدقة، ويحمل الحلول، تلك الرؤية الملكية الحكيمة التي يجب على الجميع تبنيها والتقاط كل رسائلها ومضامينها المهمة..