القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض: تحليل لأبعادها الاستراتيجية ودور الأردن في دعم الأشقاء

المهندس إبراهيم العوران 

تشكل القمة العربية والإسلامية غير العادية التي عُقدت في العاصمة السعودية الرياض مساء الحادي عشر تشرين الثاني 2024، حدثًا بارزًا في سياق العلاقات الدولية ولا سيما في توقيتها ومستوى التمثيل وحساسية الملفات التي ناقشتها، حيث جمعت الزعماء العرب والمسلمين لمناقشة التطورات الإقليمية وتهديد الاستقرار الذي بات خطرًا يقرع الباب فجرس الإنذار  قد قرع مع نجاح ترامب، حيث تعد هذه القمة خطوة مهمة لتعزيز التضامن العربي، فبينما تسعى الدول لضمان مصالحها وحماية أمنها القومي، يأتي هذا الاجتماع كوسيلة لاحتواء التصعيد وتعزيز العمل العربي المشترك.

تأتي هذه القمة في توقيت حساس للغاية، حيث تبعت فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث من المتوقع أن يؤدي هذا الفوز إلى تعميق التوترات الحالية، خاصة مع  اقتراب وصول رئيس فوضوي صديق لنتنياهو إلى البيت الأبيض ومتعطش لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق المصلحة الصهيونية. 

ولهذا جاءت القمة غير العادية بمبادرة من الدول العربية والإسلامية لمواجهة هذا الواقع السياسي الجديد، ولاتخاذ خطوات سريعة قد تخفف من تداعيات هذا التحول الدولي على المنطقة، وللحدّ من خطورة التحدي القادم.

فوصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم مرة أخرى يتوقع منه إحداث تغيرات جذرية في الشرق الأوسط، ما يثير قلقًا كبيرًا للأردن فيما يتعلق بأمنه القومي وقضاياه المحورية، ففي فترة رئاسته الأولى، دعم ترامب سياسات تعتبر حساسة بالنسبة للأردن، منها ما يُعرف بصفقة القرن، التي تضمنت مقترحات لضم غور الأردن إلى إسرائيل، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح الأردن وأمنه المائي والاستراتيجي، وعلاوة على  ذلك، يعد الأردن من أكثر الدول تضررًا من أي تهديد لآفاق حل الدولتين، الذي يُعتبر الضمان الوحيد لتحقيق السلام العادل في المنطقة، ويخشى أن يؤدي أي تراجع أمريكي عن هذا الحل إلى تصعيد التوترات، مما قد يزيد من عبء الأردن ، ويبقى الغموض حول كيفية الحل التي يسعها ترامب لتحقيقها، فإذا قدم ترامب في ولايته الاولى صفقة القرن فماذا سيقدم في الثانية؟ فمن المعلوم أن الرئيس الأمريكي يكون خلال ولايته الاولى أكثر تعقلا وانضباطا من الثانية !.


وفي كلمته خلال القمة، شدد مجددًا جلالة الملك عبدالله الثاني، بصفته رأس الدولة الأردنية، على موقف الأردن الثابت في دعم الشعب الفلسطيني، داعيًا إلى إطلاق جسر إنساني لتخفيف الحصار عن غزة وتقديم المساعدات الطارئة، حيث عبّر الملك عن إدانة الأردن للعدوان الإسرائيلي الذي يتسبب في معاناة إنسانية واسعة النطاق، مؤكدًا ضرورة وقف الحرب على غزة ولبنان لحماية الأبرياء ومنع المنطقة من الانزلاق إلى صراع أوسع قد يدفع الجميع ثمنه، وتضمنت كلمته دعوة إلى المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف حازمة لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة، محذرًا من خطورة تجاهل تصعيد الاحتلال واعتداءاته على الشعب الفلسطيني والمقدسات.

ختامًا، إن إنعقاد القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض يأتي في مرحلة حاسمة تفرض على الدول العربية مزيدًا من الجهد وتنسيق المواقف وتوحيدها لمواجهة التحديات الأمنية والإنسانية التي تزداد تعقيدًا في المنطقة،


ويُبرز الدور القيادي الذي لعبه جلالة الملك عبدالله الثاني خلال القمة التزام الأردن الثابت بحقوق الشعب الفلسطيني واستقراره. 


ففي ظل المتغيرات العالمية، وخصوصًا مع نتائج الانتخابات الأمريكية وتأثيرها المتوقع، تتضاعف أهمية تماسك الموقف العربي لضمان دعم حقوق الفلسطينيين ووقف سلسلة الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال والحد من التصعيد الذي يهدد استقرار المنطقة بأسرها.