كلمتي أمام القادة العرب والمسلمين في القمة العربية والإسلامية في الرياض .

يحيى الحموري
أيها العالم، يا قادة الأرض، ويا من تجلسون على عروشها، أرفعُ صوتي باسم شعوبٍ أنهكها القهر، وباسم أطفالٍ حُرموا الأمان قبل أن يعرفوا معناه، وباسم أمهاتٍ لا يزلن يحلمن بمستقبل لأبنائهن، وباسم كل نفس مظلومة تسأل عن العدالة والإنصاف.

أيها السادة، لقد بلغنا حداً لم يعد فيه السكوت خياراً، ولا الحياد فضيلة. فها هي فلسطين، وطنٌ يأبى إلا أن يقف شامخاً، محاصرٌ بأنياب الوحشية، وها هو لبنان يئن تحت نيران القذائف، صامدٌ في وجه عدوانٍ لم يعرف له العالم مثيلاً في البطش والاستهتار بحياة البشر. فما الذي تبقى لنا من إنسانية إن نحن صمتنا؟ وما الذي نقوله للتاريخ إن قبلنا بهذا المشهد الدامي؟

إن العدوان على فلسطين ولبنان ليس مجرد صراعٍ على أرض، بل هو اعتداء صارخ على كرامة الإنسانية جمعاء، هو تجسيد لمعاناةٍ نُحييها بضمائر ميتة، هو وجه القبح المترامي في زمنٍ بات فيه الحق ضعيفاً أمام جبروت القوة. إن صرخات الأطفال وأوجاع الشيوخ والنساء هي نداء لكل روح حية، لكل قلب ما زال ينبض بإرادة الإصلاح، لكل عين تبصر خلف ظلام الاستبداد، لكل من يؤمن أن العدل ليس شعاراً يُردد، بل حق يجب أن يُنتزع.

إننا اليوم، في هذه اللحظة التي تحمل كل هذا الألم، ندعوكم جميعاً للوقوف أمام مرآة الحقيقة، أن تنظروا في أعماق أرواحكم وتسألوا: ما جدوى الحكم إن كنا عاجزين عن الدفاع عن أبسط حقوق الإنسان؟ ما قيمة القوة إن كانت تصب في خدمة الظلم والطغيان؟ أيّ فلسفةٍ هي تلك التي تبرر دماءً تُراق من أجل الطمع والاحتلال؟

يا زعماء العالم ، إننا هنا لا نطالبكم بالتعاطف، بل بالتحرك. نحن لا نخاطب شعوركم بالعطف، بل ندعوكم لليقظة، لإدراك مسؤولياتكم أمام الله وأمام الشعوب التي وضعت ثقتها فيكم. إننا في عصر لم يعد فيه الخذلان مقبولاً، في زمن يجب أن تتجلى فيه الحقائق وتتحد فيه أصوات النور ضد قوى الظلام.

ندعوكم إلى فلسفة جديدة، فلسفة تتجاوز لغة البيانات والإدانات، فلسفة تحمل في طياتها رؤية لعالم يزدهر فيه العدل، عالم لا يُبنى على حساب جراح الشعوب وأحزانهم، عالم يدرك أن السلام ليس وهماً نلهث خلفه، بل طريقٌ يُرسم بجهد المخلصين وصمود الأحرار .