لماذا يفضل المراهقون الاستماع إلى "الغرباء" بدلاً من أمهاتهم؟
تعتبر مرحلة بأنها فترة التحولات "الصعبة"، كونها تشهد رحلة المراهق للبحث عن الهوية الشخصية والاستقلالية، وسط بحرٍ من التقلبات المزاجية والتحديات العاطفية التي تفرضها التغيرات "".
ينتقل الأبناء من مرح الطفولة إلى التأمل العميق، ومن طلاء الوجه اللامع إلى "المكياج الحقيقي"، والأهم من ذلك كله، من الإنصات لكل كلمة تتفوه بها الأم إلى "تجاهلها" بشكل ملحوظ.
فلماذا يتجاهل المراهقون كلام الأمهات؟
وفقاً لدراسة نُشرت عام 2022 في "مجلة علم الأعصاب"، قد لا يكون ذلك خطأ المراهقين بالكامل. فقد كشفت الدراسة أن جزءاً من الدماغ، المسؤول عن الاستجابة لصوت الأم، يخضع لتغيرات في مرحلة المراهقة.
قام الباحثون باستخدام تصوير الدماغ لمتابعة نشاطه العصبي عند الأطفال والمراهقين أثناء الاستماع إلى أصوات أمهاتهم. وكان التركيز على جزء من الدماغ مرتبط بمنظومات المكافأة والتقييم الاجتماعي، التي تحدد من يُعتبر "جديراً" بالاستماع.
ووُجد أن أدمغة الأطفال الصغار تتفاعل بشكل أكبر مع صوت أمهاتهم، مقارنة بالأصوات الأخرى. بينما في المراهقين، أظهرت النتائج أن نشاط الدماغ يرتفع عند سماع أصوات أشخاص خارج الأسرة؛ ما يعني أن أدمغتهم قد ترى الاستماع إلى الغرباء أكثر "جدوى" من سماع أمهاتهم.
يحدث هذا التحول، بحسب الدراسة، في سن 13 إلى 14 عاماً، حيث يبدأ الدماغ في توجيه الانتباه بشكل أكبر إلى الأصدقاء وغيرهم خارج الأسرة، في خطوة يراها العلماء جزءاً من عملية التطور الصحي للمراهق، ليتمكن من الاستقلالية وبناء شبكته الاجتماعية.
وبالإضافة إلى ذلك، يشير الخبراء إلى أن فترة المراهقة تتبلور من خلال التغيرات الهرمونية التي تؤثر على المزاج والسلوك، وتفرض تحديات عاطفية تجعل المراهقين أكثر حساسية ورفضاً للتدخل الخارجي حتى من قبل الأهل. بينما يزداد تأثير "الأقران" على سلوكياتهم وقراراتهم.
ورغم أن الدراسات تشير إلى أن "محاربة" المراهق لوالديه تعتبر جزءاً من تجربة "المراهقة" نفسها، فإنها بحسب خبراء الصحة النفسية، يُفترض أن تنتهي عندما يتغلب المراهق على الحاجة إلى التمرد، ويتعامل بشكل صحي مع هذا الشعور، بحيث يجد طريقة للتواصل مع والديه دون أن يكون النقاش محكوماً بالصراعات.
وينصح خبراء التربية والصحة النفسية بضرورة أن يبقى الأهل منفتحين على التواصل، وتقديم النصائح بشكل داعم وبناء، مع فهم للتحديات التي يواجهها المراهقون في رحلتهم نحو النضج والاستقلال.
وفي خضم هذا المعترك المصيري والقدري، يطمئن الخبراء الأمهات، بأن أطفالهن قد يرغبون بالاستماع إليهن لو استطاعوا، ولكن يبدو أن "عقولهم" تخبرهم عكس ذلك.