مجزرة غزة (الهولوكوست الفلسطيني)

د. محمد العزة

في رواية»رجال في الشمس» للكاتب الفلسطيني»غسان كنفاني» رحمه الله

التي تتحدث عن ثلاثة رجال فروا من الأوضاع الإقتصادية السيئة، فقرروا الهروب في خزان شاحنة إلى الكويت، في نهاية الرواية ماتوا جميعهم خنقا داخل الخزان، رغم أنهم لو دقوا جدار الخزان لكانت فرصتهم بالعيش أكبر

وهذا هو حال شعوبنا تموت دون أن تحاول دق جدار الخزان حتى تنقذ نفسها من هواة العاطفة الشعبية وحناجر الهتافات وتعدد الرايات الرمزية وطغاة المشاريع والمخططات السياسية.

هل الشعب الفلسطيني في غزة اليوم بحاجة إلى أن يقرع ابواب العالم حتى يخرج من جحيم القتل والإبادة الجماعية والمحرقة بنيران قنابل الطائرات وقذائف المدفعية التي تحاصرهم وتحصد أرواح أطفالهم وشيوخهم ونسائهم وتخنق نسيم شاطئ بحرهم وتحكم بالاعدام على رملهم عقابا له لاحتضانه لانفاقهم التي كانت المعبر الوحيد والوسيلة الوحيدة للتزود بمواد الإعاشة والإغاثة قبل أن تزودهم بسلاحهم، وكأن غزة عروس تتهيأ للموت كما تتجهز للحياة.

هل مجزرة غزة بحاجة إلى توثيق بالصور وانتاج الافلام الوثائقية على غرار ما نشاهده على شاشة ناشيونال جيوغرافيك، حيث مشهد قطيع الضباع يفترس الظبي الصغير وحشد الجمهور خلف الشاشات يحبس أنفاسه ويطلق صرخاته وهتافاته مطالبا بأن يتدخل طاقم التصوير لإنقاذ الظبي أو أن تتراجع الضباع عن قرارها بافتراس ذلك الصغير وتتركه يرجع لامه، كما يتمنوا ويظنوا أن ارتفاع هتافهم وحدة شجبهم كاف لتغير سيناريو وسلوك أفراد المشهد، حيث لا يعلموا أنها شريعة الغاب وقوانين البرية التي وضعتها القوى الداعمة للثكنة العسكرية الاسرائيلية، وأعطتها كامل الصلاحية ومنحتها غطاء الشرعية بما تقوم به من جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية بذريعة الدفاع عن النفس.

المرصد الاورومتوسطي أصدر تقرير جاء فيه أن غزة تم قصفها بأكثر من 25 الف طن من القنابل أي ما يقارب ضعفي قنبلة هيروشيما النووية، وللذكر والتذكير تبلغ مساحة هيروشيما 950كم مربع مقارنة بمساحة غزة 350كم مربع، اي بواقع 10 كغم من المتفجرات للفرد الواحد حتى الجنين في بطن أمه.

وزير التراث للثكنة العسكرية الاسرائيلية المتطرف عميحاي الياهو اقترح ضرب غزة بقنبلة نووية لحرق القطاع ومن فيه، وكأنه فرن مجهز بالحطب فقط ينتظر من يشعل النيران فيه.

الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، في موقف جريء لرجل الأمم المتحدة طالب بتفعيل المادة 99 في مجلس الأمن في إشارة إلى خطوة غير مسبوقة وإجراء نادر استنكارا واعترافا بأن ما ما تقوم به الثكنة الصهيونية هو جرائم حرب تهدد السلم والاستقرار الدوليين.

تقارير موثقة من هيئات ومنظمات ومؤسسات أممية سجلت ووثقت جميع انتهاكات الثكنة ضد الإنسانية وتجاوزها للمعاهدات والقوانين الدولية، وكلها تجمع وبلغة واضحة وصريحة أن ما يرتكب من انتهاكات هي جرائم حرب ترتكب بقصد الإبادة الجماعية والدفع نحو الهجرة القسرية، الاردن وعبر مواقفه السياسية والديبلوماسية القوية والمقابلات الإعلامية كان من الاوائل الذي قام بالدفع والتصريح ومناشدة الضمير العالمي والغربي والعربي بالتحرك لإدانة حكومة هذه الثكنة الاستيطانية ومحاكمتها وكان على رأسها تصريحات الملك والملكة الواضحة والجريئة والمحرجة والتي أقامت الحجة على الدول التي تدعي الديمقراطية والدفاع وحماية الحرية ( حرية العيش الكريم والسلام ) وحقوق الإنسان والإنسانية، في رسالة لهذه الدول أو القوى التي منحت الثكنة وعد بلفور لانشاء كيان هربا من الاضطهاد والحرق كما يدعوا، بأن موقف الأردن يتجلى ويتشبث بحقيقة أن الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى وعد بأرض لإقامة دولته على ترابه الوطني (على عكس الثكنة التي ومع استمرار عدوانها سيدفع سكانها ثمنه رعبا وعدم استقرار وخوفا)، لكن كل ما يطالب به هو ما يفرضه الواقع والحق بأن يعيش باستقرار وامان وتقديم له الحماية الدولية ضد الجرائم الوحشية التي ترتكبها الثكنة الصهيونية اليمينية الدينية المتطرفة بحقه، وان نتجه نحو خيار السلام العادل والشامل وحل الدولتين أو يتحمل هذا الكيان مسؤولية رفضه أن يكون طرفا في السلام ويتحمل مسؤولياته ويكون هناك إعلان اعتراف دولة فلسطينية ديمقراطية متعددة الإثنية والهوية القومية أو أن يرحلوا، لأن الشعب الفلسطيني سيبقى يدق جدار الخزان ليقول سنظل نقاوم المحتل ولن نرحل.