انتخابات الرئيس الأميركي
حمادة فراعنة
تجري انتخابات الرئاسة الأميركية، اليوم، في ظل اهتمام دولي ملحوظ يفوق أي اهتمام آخر، بما يؤكد أن العالم ينتظر من سيدخل البيت الأبيض، وأن نتائج الانتخابات، ستعكس نفسها على شخصية الرئيس المنتخب، وسياسته الخارجية إضافة إلى الملفات الداخلية التي تأخذ الاهتمام من الناخبين أكثر من تلك التي تتعلق بالسياسات الخارجية، ذلك لأن الموقف نحو الخارج غالباً ما يكون متقارباً، بسبب تأثير مؤسسات صنع القرار: لجان الكونغرس والخارجية، ومؤسسات الدولة العميقة: المخابرات والجيش على أولويات السياسة الخارجية.
ومع ذلك يوجد تطورات داخلية مستجدة مهما بدت أن وزنها لا يزال ضعيفاً، ولكنها تعكس تحولات جارية تراكمية، يقف في طليعتها:
أولاً: بروز تيار تقدمي داخل الحزب الديمقراطي يقوده بيرني ساندرز، مؤيد للحقوق الفلسطينية.
ثانياً: بروز تأثير واضح من قبل الأميركيين ذوي الأصول العربية والإسلامية ومنهم الجالية الفلسطينية، بدأت تدرك مصالحها الداخلية، وإنعكاس ذلك على التوجه نحو رفض الدعم المطلق والأعمى للمستعمرة الإسرائيلية.
ثالثاً: بروز توجهات عنصرية فاقعة من قبل الحزب الجمهوري والمرشح ترامب، ضد الجاليات غير البيضاء تحت شعار «أميركا أولاً» وبحجة مقاومة «الهجرة غير الشرعية»، وغيرها من عناوين التضليل ولكنها تعكس نمو العنصرية والانحياز للعنصر الأوروبي الأبيض.
رابعاً: ترشيح حزب البيئة والخضر لـ جيل ستاين يعطي دلالة جديدة عن رفض التقدميين الأميركيين لكلا الحزبين وسياساتهم التقليدية، وخاصة نحو المستعمرة وفلسطين، مما يؤكد أن الناخبين من الأقليات اللاتينية والإسلامية والعربية والإفريقية لم تعد تثق بوعود الحزبيين وسياساتهم، وما يعنيه ذلك من بروز تيار ثالث ذي نزوع تقدمي يساري من داخل المجتمع الأميركي الذي يُسيطر عليه أصحاب رؤوس الأموال والمجمعات الصناعية والعسكرية.
انتخابات هذا العام، قد لا تؤدي إلى انقلاب في النتائج، ولكنها ستكون مهمة على كل المستويات، لما لها من تأثير متقدم نحو انتخابات السنوات المقبلة، سواء نحو الوضع الداخلي أو السياسة الخارجية، نتيجة العوامل التي ذكرتها كمقدمة للتحولات التي ستجتاح المجتمع الأميركي، انعكاساً لحدة التعارضات الداخلية، في محاولة ترامب لعودة المجتمع الأميركي لأصوله الأوروبية، وفي تعارض واضح نحو المهاجرين الجدد من ذوي الأصول غير الأوروبية.
كثيراً ما ينسى قطاع واسع من المراقبين أن الدولة الأميركية قامت على مذابح لأهل البلاد الأصليين الذين أطلقوا عليهم تعسفاً «الهنود الحُمر» وقتلوا الملايين منهم، وعلى اضطهاد الأفارقة السود والذين أطلقوا عليهم صفة «العبيد» وفي الحالتين يبرز العنصر الذي يكاد يكون موحداً في التعامل والعداء لهما، وهذا ما يُعبر عنه المرشح ترامب المسنود من قبل المسيحيين الإنجيليين، وضد كل ما هو غير أوروبي، وبذلك يعتبر من قبل الاتجاهات التقدمية مثيلاً لسياسات هتلر النازية، وموسوليني الفاشية .
ترامب سبق وأن اعترف بضم الجولان للمستعمرة الإسرائيلية، والقدس الموحدة عاصمة لها، ومن المتوقع أن يعترف بالضفة الفلسطينية باعتبارها يهودا والسامرة أي جزءاً من خارطة المستعمرة إذا نجح في الانتخابات.