( الأنروا) شاهد القضية على الجريمة الصهيونية .

د. محمد العزة 

الثامن من ديسمبر عام 1949  استيقظ العالم على إعلان ميلاد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى) أو ما عرف بالانروا ، وإصدار شهادة ميلاد   عن سجلات  دائرة الاحوال الأممية بقرار رقم 302   ( الجمعية العامة للأمم المتحدة) ، جاء فيه تفاصيل معلوماتها التعريفية ، أنها منظمة أممية قائمة لتقديم الخدمات لأكثر من 750 الف لاجيء فلسطيني ، خرجوا من أرضهم  تحت وطأة المجازر الوحشية الفظيعة التي ارتكبتها عصابات الثكنة العسكرية الاسرائيلية ضد المدنيين العزل في القرى والمدن الفلسطينية في تكرار للمشهد الذي يحدث و تقترفه هذه الثكنة في حربها على غزة وفق خطة ما تسمى اليوم حرب الجنرالات أو عرف بالماضي حرب  العصابات  .

احداث التهجير في نكبة ٤٨ كانت  أول دليل في البينة الدفاعية لإسقاط ادعاءات الرواية الصهيونية و شرعية السردية لجوهر قضيتها ، بأنهم وعدوا وجاؤوا إلى ارض بلا شعب ، لشعب بلا أرض في سياق ما عرف بالوعد المشؤوم (وعد بلفور ) او مايعرف وعد من لا يملك الى من  لايستحق الذي يصادف الثاني من تشرين الثاني 2024/11/2 الذكرى  المائة و سبعة (107) . 
التعريف العملياتي للأونروا للاجيء  الفلسطيني هو الشخص الذي كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين حزيران 1946 و أيار 1948، والذي فقد منزله ومورد رزقهم نتيجة حرب عام ١٩٤٨ .

الثكنة العسكرية الاسرائيلية تفرض حصارها اليوم على الأنروا  وحظر نشاطها الذي تقدمه لأكثر من ٥ مليون لاجيء ، منهم 2 مليون مسجلين لدى الدولة الأردنية التي تحملت العبء الأكبر ( أكثر من ١٣ مخيم للاجئين ) ،  في محاولة لاغتيالها علنا هذه المرة  وبالقوة الجبرية بعد فشلها في العديد من المرات و خلافا لما كانت تمارسه من أساليب و خيارات التصفية بكاتم الصوت ،  الذي يحرص الاردن اليوم على إطلاق حنجرته ، و كيف لا و هو من كان أول ضمادة لجرح الندبة التي  احدثها الجلاد في وجه الضحية في النكبة 48 .

جريمة الاغتيال هذه لا يجوز السكوت عنها  ولا يمكن وصفها الا بالجريمة كاملة الأدلة و الأركان مع سابق  الإصرار و الترصد و التخطيط لفعلها و محاولة طمسها لاحقا برفض حق العودة أو التعويض حسب ما جاء في  القرار الدولي 194 .
 قرار تأسيس وكالة الغوث الأنروا ، الذي لن نخضع الدافع  وراءه إلى دوامات و اعصارات الشك ، بل هو جاء خلاصة اليقين ، بتأنيب الضمير و صراع الوجدان و النفس للقوى  التي وعدت و دعمت و ساعدت  الثكنة العسكرية الصهيونية لاقترافها جريمة العصر ، و قتل و تهجير أكثر من مليون فلسطيني ، لم تستطع هذه القوى اخفائهم باستخدام طاقية أو قبعة أو عصا الاخفاء أو تركهم في العراء والظهور بمظهر الدول الوحشية البربرية التي أحرقت و قتلت ملايين من أبناء هذه البشرية لأجل أهدافها و مصالحها الاستعمارية الإمبريالية.

 إصدار هذا القرار ، أشعر  تلك القوى ، ان ما ستقدمه وكالة الغوث من مدارس و خدمات تعليمية و صحية و  مؤونة و بناء المخيمات لهذا الشعب ، قد يمنحها صبغة الإنسانية ،  و غطاء الشرعية الدولية و أنظمتها التي وضعوها ،  في محاولة للتخفيف من معانات هذا الشعب وامتصاص غضبه على ضياع و سلب و سرقة ارضه ، ومحاولة مساعدته على نسيانه لها و اغفاله عن خيارات الثأر لشهدائه و حق المقاومة و مطالبة أسترجاع أملاكه وحقوقه ، ظنا بأن الكبار سيموتون و الصغار ينسون .

 لسوء حظ الثكنة العسكرية الصهيونية و القوى الاستعمارية أن الأنروا و خدماتها و مخيماتها شكلت  إحدى خيباتها في اخفاء جريمتهم أو تحقيق أهدافهم الخفية ، بل صارت دليلا ثانيا قاطعا كبينة دفاعية ضدهم ، تلاحقهم  لوائح اتهام و قرارات قضائية ، و لن  تموت او تختفي أو يغلق ملفها إلا بقرار عادل و شامل ينصف القضية الفلسطينية (الضحية) و إلى حين ذلك القرار نقول  أن هذه المخيمات ستظل شوكة في حلق الجلاد ، و كابوسا في أحلامه ، يجلد ضميره والقوى الداعمة له ، و شاهد على جريمته و مجازره ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية  ، ولا يملك مستقبلا الا الخضوع للحقيقة و متغيرات الواقع ، أن لا امان ولا أمن لكم في ثكناتكم و كيبوتساتكم  ومستعمراتكم ، دون استقرار و سلام هذا الشعب  و انهاء معاناة المنطقة العربية ، و لسوف  تنتصر القضية  ضد الرواية الصهيونية.