خيار الصمود والانتصار
حمادة فراعنة
لم تتمكن قوات المستعمرة إلى الآن، بعد سنة، من الهجوم الهمجي الفاشي العنصري على قطاع غزة من تحقيق ثلاثة أهداف ملحة ضرورية لصالح تل أبيب بشكل عام، ولصالح نتنياهو بشكل خاص:
أولاً الإخفاق في إنهاء المقاومة وتصفيتها ووقف هجماتها الخاطفة ضد قوات الاحتلال، على الرغم من سلسلة الاغتيالات للقادة والقتل والتدمير لأهالي قطاع غزة ومقاومتهم.
ثانياً عدم اكتشاف مواقع ومخابئ الأسرى الإسرائيليين وإطلاق سراحهم بدون عملية التبادل، رغم أن قوات المستعمرة اجتاحت واحتلت كامل قطاع غزة.
ثالثاً الفشل في طرد وتشريد وترحيل فلسطينيي قطاع غزة إلى سيناء، رغم تركيز القصف والتدمير للمدنيين والنيل منهم، لعلهم يهربون، وخاب ظن قادة المستعمرة وبقي أهل غزة صامدين، رغم الوجع والجوع والموت.
الصراع على أرض فلسطين يستهدف عاملي الأرض والبشر، وقد تمكن المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي من احتلال كامل أرض فلسطين، اعتماداً على تفوقهم ودعم أوروبا سابقاً لهم، والولايات المتحدة لاحقاً لهم، ولكنهم لم يتمكنوا من طرد وتشريد وإبعاد وتهجير كل الفلسطينيين خارج وطنهم، وبقي على كامل أرض فلسطين في منطقتي الاحتلال الأولى عام 1948 والثانية عام 1967، أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني يحول دون إقامة «الدولة اليهودية» على كامل فلسطين وفيها وعليها أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني.
معركة غزة لم تنته، ما زالت متواصلة، لأن وقفها يعني انتقال صفة نتنياهو من حالة الفشل والإخفاق إلى حالة الهزيمة، ولهذا أحبط كل محاولات التوسط لوقف إطلاق النار، ولديه الإصرار على مواصلة الحرب والقتل والدمار حتى لا يدفع ثمن الهزيمة.
الحديث الإسرائيلي عن الانسحاب من جنوب لبنان خلال أسبوع أو أسبوعين، لم يكن نتاج الكرم وسعة الأفق وحُسن النية، بل بسبب ضربات المقاومة، وسقوط قتلى ضباطهم وجنودهم، وعدم مقدرتهم على التوغل في الأراضي اللبنانية، أرغمهم هذا على التفكير جدياً في اختيار الانسحاب من جنوب لبنان وعدم البقاء.
معركة حرية فلسطين واستقلالها أثمانها باهظة، ولكنها قدر لا فكاك منه، سيتوج بالانتصار لصالح شعبها، مهما قست الظروف وتعاظمت التضحيات واتسعت جرائم الاحتلال، فهي ستزيد دوافع الفعل الفلسطيني، كي يكون الخيار الوحيد أمام الشعب المظلوم المضطهد المحتل، هو النضال في مواجهة الاحتلال، حتى الانتصار ولا خيار للفلسطينيين سوى خيار البقاء والصمود، خيار الانتصار نحو الحرية والاستقلال، وعودة اللاجئين إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي سبق وطردوا منها عام 1948.