انتوني بلينكن «يكتب» عن: استراتيجية «التجديد» الأميركية!

محمد خروب

وجدَ رئيس الدبلوماسية الأميركية (أنتوني بلينكن), مزيداً من الوقت, لكتابة مقالة مطولة في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية في عددها الأخير, تحت عنوان: (استراتيجية التجديد الأميركية: إعادة بناء القيادة في عالم جديد). بدا فيها وكأنه يطمس على الإخفاقات المدوية, التي سجلها على نفسه, طوال أربع سنوات قضاها في موقعه الرفيع, دون ان يُحرز اي نجاح في الملفات التي عالجها, على صعيد السياسة الخارجية الأميركية, التي عانت من تراجع وانحدار في دورها «واحترامها» على الصعيد الدولي, سواء في ما خص العلاقات المتدهورة مع كل من روسيا والصين, أم خصوصا على صعيد ملفات «الشرق الأوسط» وبالذات القضية الفلسطينية, وتحديداً حرب الإبادة الجماعية والتهجير والتدمير, التي شنّها وما يزال حلف الشر الصهيو أميركي, على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, بل وقبله عندما أدار الرئيس بايدن ظهره لوعوده «الكاذبة كما يجب التذكير» ببذل جهود مكثفة, للتسريع في تطبيق حل الدولتين.

وإذ ظَننتُ ان بلينكن (اعترف ان ظنّي كان كله وليس بعضه.. إثماً) الذي لم يجد حرجاً في تقديم «يهوديته» على هويته الوطنية/الأميركية, عندما هبط في مطار اللد للإعراب عن تضامنه ودعمه لـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها», انه/بلينكن, سيركز في بداية مقالته على «تداعيات ومخاطر» الحرب الوحشية التي تشنها آلة القتل الفاشية الصهيونية (الأميركية التصنيع والتوريد), على الأمن والسلم الدوليين (كما يواظب المعسكر الغربي الاستعماري الترويج لهذا المصطلح, كلما ازدادت ضغوطهم على «العرب والفلسطينيين», للتجاوب «إقرأ الرضوخ والانحناء» للمشروع الصهيوأميركي).

فلم أجد سوى (300) كلمة, نعم ثلاثمائة كلمة, من مقالة إنطوت على (5000) كلمة ــ خمسة آلاف كلمة ــ، اي ما نسبته 0.06%، ما يُبدد الأوهام العربية والفلسطينية, بأن أزمة» الشرق الأوسط» هي على رأس اولويات المجتمع الدولي (أي أميركا ودول الغرب الاستعماري). فماذا كتبَ بلينكن عن حرب الإبادة والتهجير والتدمير, المتمادية فصولاً وحشية في القطاع الفلسطيني المنكوب؟

يجدر التنويه ان إشارة بلينكن المُقتضبة, للحرب الصهيو أميركية على قطاع غزة, جاءت في إطار حملة التشويه والتعريض الأميركي على ما أسماه (القوى التعديلية), ويقصد بها روسيا والصين, ودور موسكو وبيجين (التخريبي) وفق زعمه, في الشرق الأوسط. قائلا: (يتجلى اصطفاف القوى «التعديلية» بشكل أكبر في منطقة الشرق الأوسط. ففي الماضي كانت روسيا تدعم جهود مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحد من طموحات إيران النووية, أما الآن فهي تعمل على تمكين البرنامج النووي الإيراني وتسهيل أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار. واستطراداً، فإن روسيا التي كانت شريكاً مُقرباً من إسرائيل, انتقلت إلى تعزيز علاقاتها مع «حماس» بعد هجوم السابع من أكتوبر. ومن جانبها، تتعاون إدارة بايدن «بلا كلل» مع الشركاء في الشرق الأوسط وخارجه, في سبيل إنهاء الصراع والمعاناة في غزة، وإيجاد حل دبلوماسي يمكّن الإسرائيليين واللبنانيين من العيش في أمان على جانبي الحدود، وإدارة خطر نشوب حرب إقليمية أوسع، والعمل على تحقيق مزيد من التكامل والتطبيع في المنطقة.

إن هذه الجهود ــ تابعَ بلينكن ــ فمن دون إنهاء الحرب في غزة، ورسم مسار واضح وموثوق ومحدد زمنياً نحو إقامة دولة, تلبي التطلعات المشروعة للفلسطينيين وحاجات إسرائيل الأمنية، فإن التطبيع لا يمكن أن يتحقق. ولكن إذا نجحت هذه الجهود، سيؤدي التطبيع إلى ربط إسرائيل ببنية أمنية إقليمية، ويفتح الفرص الاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة، ويعزل إيران ووكلاءها. وقد ظهرت بوادر هذا التكامل ــ أردفَ بلينكن ــ في التحالف الذي ضم دولاً متعددة، وساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجوم مباشر غير مسبوق من إيران في أبريل/نيسان. وقد أكدتْ «زياراتي» للمنطقة منذ السابع من أكتوبر, أن هناك مساراً نحو مزيد من السلام والتكامل، إذا كان قادة المنطقة على استعداد لاتخاذ قرارات صعبة.

مُستطرداً/بلينكن (او قُل مُختتماً «لفتته» المنحازة والخبيثة, لحرب الإبادة والتهجير ضد الشعب الفلسطيني): على رغم جهودنا الدؤوبة، فإن العواقب الإنسانية المترتبة على الحرب في غزة, ما زالت مدمرة. لقد قُتِل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين, في صراع لم يبدأوه ولا يستطيعون إيقافه. وتم تهجير كل سكان غزة تقريباً، وتُعاني الغالبية العظمى منهم من سوء التغذية. هناك نحو مئة رهينة ما زالوا موجودين في غزة، بعضهم قُتل والبعض الآخر مُحتجز لدى «حماس» في ظل ظروف وحشية. وكل هذه المعاناة تضفي أهمية وإلحاحاً أكبر على جهودنا الرامية إلى إنهاء الصراع، ومنع تكراره، وإرساء الأسس لتحقيق سلام وأمن دائمين في المنطقة.

ثرثرة إمبريالية النص والهدف, محمولة على كذب وتماهٍ مع الرواية الصهيونية, لا يمكن التعويل عليها او الرهان على تغيير في السياسة الأميركية, حتى لو فازت كامالا هاريس, التي زعمت ان سياستها لن تكون امتداداً لسياسة بايدن, ما بالك لو فاز المُهرج.. ترمب؟

.. للحديث صِلة.