وثيقة مسربة الخلاف الأمريكي-الصهيوني حــول الـضـربــة الإيـرانية
إسماعيل الشريف
تجاوزت إيران جميع العتبات العلمية والتكنولوجية المطلوبة لبناء سلاح نووي – علي أكبر صالحي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
تسربت وثيقة شديدة السرية من وثائق وكالة الاستخبارات الأمريكية تكشف عن استعدادات الصهاينة لتوجيه ضربة لإيران، وذلك عبر قناة «مرآة الشرق الأوسط» على تطبيق تلغرام (Middle East Spectator)، المعروفة بنشر محتوى مؤيد لإيران ويُعتقد أنها تُدار من جهات مقربة من إيران.
فتح هذا التسريب الباب على مصراعيه لتحليلات متعددة حول كيفية ظهور هذا التقرير البالغ السرية على قناة تلغرام، كما أثار القلق داخل أجهزة الاستخبارات بشأن عجز الولايات المتحدة عن حماية أسرارها. وبرزت تساؤلات حول طبيعة العلاقة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وأظهر التسريب خلافات عميقة بين الطرفين بشأن مواقع الاستهداف ومنح الوقت لإيران لطلب المساعدة العسكرية والدبلوماسية من روسيا والصين.
هناك من يعتقد أن هذا التسريب قد يكون مقصودًا من قبل الولايات المتحدة كجزء من حرب نفسية لتخويف إيران، ووضعها في حالة تأهب قصوى، واستنزافها، وتحييدها تمامًا عن حرب لبنان. وقد يكون الهدف أيضًا تضليل إيران، ليباغتها الكيان الصهيوني من حيث لا تحتسب. أو ربما العكس تمامًا، بأن يتم تسريب المعلومات لجعل إيران تستعد لهذا العدوان، وذلك لتحقيق هدف الولايات المتحدة المتمثل في تجنب توجيه ضربة قد تشعل حربًا إقليمية.
على النقيض، يرى آخرون أن هذا التسريب بالغ الخطورة ويؤثر بشكل كبير على العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، مما قد يؤدي إلى تآكل هذه العلاقة وإضعاف صورة الولايات المتحدة في المنطقة، وسيشجع أعداءها على اتخاذ خطوات ضدها. يعتبر البعض أن التسريب بمثابة ضربة سواء لإدارة بايدن أو لنتن ياهو شخصيًا. وتجرى الآن تحقيقات على أعلى المستويات، وسط مخاوف من حدوث تسريبات أخرى في المستقبل.
من وجهة نظري، قد تكون هذه التسريبات قد سُرّبت عن قصد، إما من قبل الدولة العميقة أو من قبل مسؤول أمريكي لديه ضمير، على غرار ما حدث مع تسريبات ما عرفت باوراق البنتاغون التي نشرها أحد الموظفين الأمريكيين في عام 1971 خلال حرب فيتنام. كان الهدف آنذاك رغبة ذلك الموظف بضرورة وقف الحرب، وقد تحمل هذه التسريبات الجديدة هدفًا مشابهًا، ينبع من اعتقاد هذا المسؤول بأن الوضع الحالي يتطلب تدخلًا لمنع تورط الولايات المتحدة في الحرب.
وما يدعوني للوصول إلى هذا الاستنتاج هو التباين الواضح في وجهات النظر بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني حول أهداف الضربة. فنتن ياهو يسعى إلى استهداف المنشآت النووية الإيرانية وجرّ الولايات المتحدة إلى حرب مباشرة مع إيران، بينما تريد الولايات المتحدة توجيه ضربة لا تؤدي إلى اشتعال حرب إقليمية. وقد يكون كشف تفاصيل الضربة جزءًا من استراتيجية لتأجيلها، مما يمنح الولايات المتحدة الوقت لكبح جماح نتن ياهو والتوصل إلى اتفاق كامل حول الأهداف، أو حتى التراجع عن الرد العسكري بالكامل.
كما أن تخوفات الولايات المتحدة من استهداف المنشآت النووية الإيرانية تنبع من قناعتها بأن إيران قد تكون امتلكت بالفعل السلاح النووي، وهو ما تؤكده تقارير استخباراتها. وقد أشار إلى ذلك صراحة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حين قال قبل أسابيع إن إيران على بُعد أيام من إنتاج قنبلة نووية. كما تشير بعض التقارير إلى أن إيران قد أنتجت قنابل نووية صغيرة الحجم تُعرف بـ»البندقية النووية». وهذا ينسجم مع تلميحات السياسيين الإيرانيين والفتاوى الدينية التي أصدرت ضوءًا أخضر لإنتاج السلاح النووي.
وحسب حجم الرد الصهيوني وتوقيته، سيتمكن المراقبون من الإجابة عن السؤال: هل تم تسريب الوثيقة عن قصد أم بدون قصد؟