ستارلينك: شريك أم منافس لشركات الاتصالات في الأردن؟
بقلم - د. حمزه العكاليك
شهد شهر نوفمبر 2023 لحظة فارقة في المشهد الرقمي الأردني حيث منحت هيئة تنظيم الاتصالات (TRC) شركة Starlinkستارلينك رخصة اتصالات عامة، مما مهد الطريق للشركة للبدء في تقديم خدماتها أوائل عام 2025 (وفقًا لموقع الشركة الإلكتروني).
وقد كان لهذا القرار ردود افعال من قبل قطاع التكنولوجيا في المملكه، واعدًا بإعادة تشكيل ليس فقط كيفية اتصال الأردنيين بالإنترنت، ولكن أيضًا كيفية تقسيم السوق الرقمي في الاردن.
ويمكن ان يكون لهذا التطور آثار عميقة على شركات الاتصالات المحلية وديناميكيات السوق العامة. والذي يعتبر بمثابة تغيير جذري في المستقبل الرقمي للبلاد.
وبالنظر لشركات الاتصالات الأردنية ، فإن دخول ستارلينك الى السوق الرقمي الاردني هو في الوقت نفسه تحدٍ ونداء استيقاظ.
حيث ستجد هذه الشركات نفسها عند مفترق طرق للتكيف مع الواقع الجديد أو المخاطرة بالخروج من السوق. ويطرح هذا الدخول مجموعة من التحديات لقطاع الاتصالات، مثل: زيادة المنافسة حيثان الترخيص لستارلينك يقدم منافسًا جديدًا ذو امكانات ماليه هائله ومتطورًا تقنيًا لقطاع الاتصالات الأردني. وعليه ستواجه الشركات المحلية ضغوطًا لتحسين خدماتها وأسعارها لتظل تنافسية.
وكذلك سيطرح هذا المنافس تحديات على الحصة السوقية فمن الممكن ان تشهد شركات الاتصالات الأردنية انخفاضًا محتملًا في حصة السوق، خاصة في المناطق التي تكون فيها البنية التحتية التقليدية مفقودة أو غير موثوق بها وهذا يترافق مع شكاوى متتكرره من الاردنيين بضعف او انقطاع خدمات الانترنت وخصوصا اذا ما طرحت ستارلينك خدماتها باسعار منافسة.
وسيفرض هذا اللاعب الجديد على شركات الاتصالات المحلية تحسين جودة خدماتها حيث ان منافسة الإنترنت الساتلاتي عالي السرعة , وذو اتصال اكثر سلاسه بزمن وصول اقل والذي تقدمه ستارلينك ، سيفرض على الشركات المحلية على الأرجح الاستثمار في تحديث البنية التحتية وتحسين جودة خدماتها.
كما من الممكن يقود هذا التنافس الى التوجه الى السوق المتخصص فقد يكون من خيارات الشركات المحلية التركيز على قطاعات سوقية محددة أو خدمات ذات قيمة مضافة لا يمكن لشركة ستارلينك تقديمها بسهولة، مثل الحزم المجمعة مع المحتوى المحلي أو دعم العملاء المتخصص.
من ناحية أخرى، تمتلك شركات الاتصالات المحلية العديد من المزايا التي يمكن أن تساعدها في مواجهة التحديات التي يطرحها دخول المنافس الجديد ومن هذه المزايا: البنية التحتية القائمة: فشركات الاتصالات المحلية تمتلك بنية تحتية واسعة النطاق تغطي معظم المناطق في الأردن. وهذه البنية التحتية يمكن أن توفر لها ميزة تنافسية في بعض المناطق.
كما تتمتع الشركات المحلية بفهم عميق للسوق المحلي، بما في ذلك احتياجات العملاء وتفضيلاتهم. مما يمكنهم من استخدام هذه المعرفة لتطوير خدمات تلبي احتياجات العملاء بشكل أفضل حيث يمكن لشركات الاتصالات المحلية تنويع عروضها لتشمل خدمات تتجاوز الاتصال الأساسي بالإنترنت، مثل حلول إنترنت الأشياء، والخدمات السحابية، والمحتوى الرقمي.
وتتمتع الشركات المحلية بعلاقات قوية مع عملائها. وهذا يمكَنها من استخدام هذه العلاقات لتبني الثقة والولاء بين العملاء.
ومزودي الخدمات.. كما ان الشركات المحلية توفر دعم عملائها باللغة العربية.
مما يجعل ذلك تجربة العملاء أكثر سهولة وملاءمة.
وسيكون المفتاح الاساسي للنجاح والمنافسة في السوق الاردني هو الاستفادة من هذه الأصول في التركيز على الابتكار في المجالات التي تمكنها من التفوق فيها على ستارلينك. وتتجه بعض الشركات بالفعل نحو خدمات ذات قيمة مضافة، حيث تقدم حزمًا مجمعة تتضمن محتوى محليًا ودعمًا متخصصًا للعملاء. وتعمل شركات أخرى على مضاعفة استثماراتها في البنية التحتية، مما يسرع من طرح شبكات الجيل الخامس والألياف الضوئية. مما يمكن من تحفيز المنافسة والابتكار في عروض الخدمات ونماذج التسعير.
وبناءً على ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى تعديلات تنظيمية لدعم الشركات وتوفير نوع من مظلة الحماية للشركات المحلية.
حيث من الممكن ان تنفذ الحكومة الأردنية لوائح جديدة لضمان المنافسة العادلة وحماية المصالح المحلية مع تعزيز الابتكار.
وبناءً على ذلك، قد نشهد ظهور نماذج تعاونية بين ستارلينك والمزودين المحليين، تجمع بين التكنولوجيا العالمية والخبرة المحلية. فمن المثير للاهتمام أن شركات الاتصالات المحلية لا ترى جميعها في ستارلينك تهديدًا. حيث يستكشف البعض من هذه الشركات نوع من الشراكات المحتملة، ويرى فرصة للجمع بين النطاق العالمي لـ ستارلينك وخبرتهم المحلية.
وفي كل الاحوال، يفرض دخول ستارلينك تحديات كبيرة على شركات الاتصالات المحلية في الأردن، الا ان هذا لا يعني بالضرورة أنها ستخسر السوق بالكامل. فمن المأمول أن يتميز المستقبل بقطاع اتصالات أكثر تنافسية وتنوعًا وإبداعًا.
ومن المرجح أن تظل الشركات المحلية التي تتكيف بسرعة وتستفيد من نقاط قوتها وربما تتعاون مع شراكات جديدة مع ستارلينك ذات صلة وتنافسية في المشهد المتطور للاتصالات الأردنية.
فبدلاً من النظر إلى "ستارلينك" على أنها تهديد، يمكن للشركات المحلية والحكومة الاستفادة من هذه الفرصة لبناء شراكات استراتيجية معها. من خلال التعاون، ويمكن للشركات المحلية الاستفادة من خبرات "ستارلينك" في مجال الأقمار الصناعية، في حين يمكن لـ "ستارلينك" الاستفادة من معرفة الشركات المحلية بالأسواق المحلية
وفي الختام، فمع وميض أقمار ستارلينك في سماء الليل فوق الأردن، فإنها ترمز إلى أكثر من مجرد خدمة إنترنت جديدة.
إنها تمثل تطلعات الأمة، واستعدادها لاحتضان التغيير، وتصميمها على رسم مسارها الخاص في العصر الرقمي