رخصة بالقتل

جهاد المنسي

مؤكد أن إسرائيل حصلت على الضوء الأخضر لإبادة الشعب الفلسطيني، وبالتزامن أيضا القضاء على جزء من الشعب اللبناني، ولا ضير في تنفيذ عمليات اغتيال وقتل وإبادة في سورية واليمن وإيران، وإلا لماذا هذا الصمت الدولي المريب؟، لماذا هذا السكون الأممي؟ لماذا هذا الانتظار المشكوك فيه؟

ماذا ينتظر العالم؟ لماذا تصمت الأمم المتحدة ومؤسساتها تتعرض يوميا للقصف والتنكيل؟، لماذا تكتفِ دول الغرب بالمشاهدة؟ لماذا تحرق خيم نازحين مسالمين ويحرق أطفال بداخلها وكل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأطفال والنازحين تشاهد وتراقب؟ لماذا تجيز بعض حكومات الغرب لإسرائيل قتل الأطفال والمدنيين وتجد لهم عذرا وتبريرا؟.

بعد كل علامات السؤال تلك، فمن الذي منح هتلر العصر الحديث هذا الحق بقتل من يريد، وإبادة شعب ومحو عائلاته من السجل المدني، إذ يقدر عدد العائلات التي مسحت من السجل المدني 1206 عائلات خلال عام من الإبادة الجماعية بقطاع غزة، ويقدر عدد العائلات التي أبيدت وتبقى ناجٍ وحيد 2271 عائلة، وعدد العائلات التي تعرضت لمجازر وفيها أكثر من ناجٍ 3110 عائلات، فيما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة بشكل يومي مخلفة ما يقرب من 45 ألف شهيد، و100 ألف مصاب معظمهم من الأطفال والنساء.

نعم أيها السادة عائلات بالكامل أبيدت، وأخرى لم يتبق منها إلا فرد واحد، أليس ذاك إبادة جماعية؟، أليس ذاك فعلا نازيا متجددا؟ فلماذا تصمتون؟، لماذا لا تتحركون؟ ومن منح السفاح نتنياهو رخصة القتل والإبادة والتنكيل دون ملاحقة دولية، هي فعلا رخصة بالقتل والابادة ومسح عائلات من الوجود، هي إبادة جماعية منقولة على الهواء مباشرة، بحق شعب يسعى لنيل حريته واستقلاله وطرد المحتل من ارضه، ولا يطلب الا تنفيذ القرارات الأممية بحق محتله، هي مذبحة برعاية غربية ونازية تتجدد، وصمت عربي واسلامي مريب.

لماذا استشاط  العالم الغربي غضبا وأنزل أقسى العقوبات بحق موسكو، وادان تدخل الروس في أوكرانيا، وذرف دموع التماسيح على الاوكرانيين (المساكين)، فيما يطالع ويؤيد ما تفعله إسرائيل في قطاع غزة ولبنان، وينتظر حتى تنهي إسرائيل مهمتها المتوافق عليها ضمنيا من قبل العالم الغربي، وتجد صمتا عربيا وإسلاميا يدعو للاستغراب.

هذا العالم (الأعوج) يعتقد ان تمكين هتلر العصر الحديث (بنيامين نتنياهو) بقتل وابادة من يريد سيمكنه لاحقا تنفيذ رغباته وشهواته بحق المنطقة، ويجعلها اكثر طواعية ورضوخا ولينا، وسيمكن الدول الاستعمارية من فرض سطوتها ونفوذها أكثر، وتحقيق رغباتها الاستعمارية السياسية والاقتصادية في تأمين طريق الحرير، وتأمين منابع النفط لأكثر مدة ممكنة، وديمومة ترويج أسلحتهم القاتلة وبيعها، وتشديد الخناق على المنافسين مثل روسيا والصين وغيرها من الدول التي ما تزال ترفض الهيمنة الاستعمارية الغربية وتحديدا الأميركية، هي رخصة للقتل، وصمت غربي مدروس، وتمكين هتلر العصر الحديث من تعبيد الطريق لأولئك الطامحين.

يعتقد أولئك، وأجزم أنه طاش سهمهم أن المقاومة تنتهي باستشهاد قادتها، وان سعي الشعوب للحرية والاستقلال يتوقف كلما ارتفع منسوب الإجرام والقتل والإبادة، وأن عمليات الاغتيال، وانتهاك أجواء دول مستقلة وممارسة (الزعرنة) في المنطقة كفيل بإطفاء جذوة المقاومة، وتفتت عضد المقاومين.

ما لم يعرفه الغرب وهتلر العصر الحالي أن المقاومة فكرة، والفكرة لا تموت، والشعوب وإن طال عليها بزوغ الفجر فإنها ستبقى تفكر بالحرية والاستقلال، ولهذا لا يمكن للمنطقة أن تستكين طالما بقيت إسرائيل تعربد في المنطقة وتمارس سياستها الاستعمارية بحق دولها وشعوبها، ولهذا فان استشهاد قائد سيولد عشرات القادة، وإن إضعاف الفكرة لا يمكن أبدا أن ينهيها.

الزهو بالنصر والاحتفال لا يعني أبدا أن الشعب الذي تشرد وفقد شهداء سيستكين ويسكت.