نتن ياهو في عيون حلفائه
إسماعيل الشريف
نتن ياهو ماهر في التلاعب السياسي – أوباما
بينما كان العالم يتابع أخبار المسيرة التي استهدفت منزل نتن ياهو، كانت الأيدي تُرفع إلى السماء من حلفائه قبل أعدائه، يتمتمون: «يا رب!»
كلمتا «ابن...» تشرحان العلاقة المضطربة بين بايدن ونتن ياهو، كما كشف عنها كتاب «The War» أي الحرب للكاتب الأمريكي الشهير بوب وودوارد، الذي يُعتبر واحدًا من أهم الصحفيين في تاريخ الولايات المتحدة والحائز على جائزة بوليتزر. وصفته صحيفة «رولينغ ستون» بأنه من أكثر الصحفيين احترامًا في التاريخ الأمريكي، وهو الصحفي الذي أسقط الرئيس نيكسون في فضيحة ووترغيت.
يكشف الكتاب عن قول بايدن لأحد مساعديه: «هذا ابن... بيبي نتن ياهو، إنه رجل سيئ، إنه رجل سيئ!» وفي موضع آخر، يتحدث بايدن هاتفيًا مع نتن ياهو حول رغبته في اجتياح رفح، فيسأله: «ما هي استراتيجيتك؟» فيجيبه نتن ياهو: «دخول رفح»، فيرد بايدن: «ولكنها ليست استراتيجية.»
ومع تصاعد وتيرة الإبادة الجماعية، يتحدث الكتاب عن الإحباط المستمر لبايدن من نتن ياهو، حيث يصفه بأنه «كاذب ملعون» بعد أن قرر الأخير الدخول بريًا إلى رفح. ويعبر بايدن عن سياسته في محاولته تقييد نتن ياهو بقوله: «كلما أقدم نتن ياهو على خطوة جديدة، أقول له: لا تفعل.»
في شهر تموز الماضي، صاح بايدن في وجه نتن ياهو بعد اغتيال مسؤول كبير في حزب الله، راح ضحيته ثلاثة مدنيين. وفي اتصال هاتفي، قال بايدن لنتن ياهو: «تعلم أن العديد من الدول تعتبر ‹إسرائيل› دولة مارقة، وممثلها مارق» - في إشارة إلى نتن ياهو على ما يبدو. فرد نتن ياهو قائلاً: «هذا إرهابي.»
ومع ذلك، نجح بايدن في كبح جماح نتن نياهو في الرد على إيران بعد هجومها على الكيان في شهر نيسان الماضي، وهو ما يسعى لتحقيقه الآن في محاولة للحد من الرد الصهيوني ضد إيران قدر الإمكان.
قد لا تقتنع بهذا الكلام وتعتبره مجرد حديث للاستهلاك الإعلامي وتبادل الأدوار، إذ إن يدي بايدن ملوثة بالدماء تمامًا كما هي الحال مع نتن ياهو، وهذا صحيح. لكن من وجهة نظري، فإن هذه الحرب تُدار من قبل الولايات المتحدة، وقد يختلفان في تفاصيلها. فكلاهما يرى الشعب الفلسطيني والعرب عمومًا بأنهم «حيوانات بشرية»، ويتفقان على إبادة الشعب الفلسطيني، لكنهما يختلفان أحيانًا في الوسائل.
ولا يختلف الرؤساء الأمريكيون الآخرون في نظرتهم لنتن ياهو عن بايدن. ففي كتاب «الأرض الموعودة»، يصف أوباما نتن ياهو بأنه شخصية سياسية بارعة لكنها في الوقت ذاته معقدة وصعبة التعامل، إذ يمزج بين الذكاء السياسي والتلاعب التكتيكي لتحقيق أهدافه، حتى لو كان ذلك على حساب السلام أو العلاقات الدولية المستقرة. وفي مقابلة نُشرت في أواخر 2021، عبّر ترامب عن خيبة أمله من نتن ياهو بسبب تهنئته لجو بايدن بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، ووصف هذا التصرف بأنه «خيانة شخصية». وقال ترامب: «لم أتحدث إليه منذ ذلك الحين كان أول من هنأ بايدن، ولا أستطيع أن أنسى ذلك.» وفي نفس المقابلة، أشار إلى أن علاقته الشخصية بنتن ياهو كانت قوية، لكنه شعر بالخيانة بسبب تلك التهنئة.
تتسم علاقة نتن ياهو في تعامله مع الرؤساء الأمريكيين بالفوقية. وقد شكّل هذا النهج ملامح العلاقة بين بايدن ونتن ياهو بشكل خاص، خصوصًا بعدما صرّح بايدن في عام 2013 قائلاً: «لو لم تكن» إسرائيل» موجودة، لاضطررنا إلى اختراعها لحماية مصالحنا في المنطقة.»
يرى نتن ياهو نفسه أهم من أي رئيس أمريكي، إذ يعتبر أن الدولة المارقة هي الحليف الاستراتيجي الأهم للولايات المتحدة في المنطقة، كونها تشكّل قاعدتها المتقدمة وتقدّم لها خدمات لا تُقدّر بثمن. ويحظى هذا الكيان بدعم سياسي منقطع النظير من الكونغرس، بالإضافة إلى الدعم الديني من الإنجيليين، فضلًا عن ضغوط اللوبيات الصهيونية وتحكمها في السياسة الخارجية الأمريكية، إلى جانب عشرات الأسباب الأخرى.
علاقة الرؤساء الأمريكيين مع نتن ياهو تشبه علاقة الموظف بصاحب العمل؛ فقد يكرهونه أو يتحدثون عنه بالسوء في الخفاء أو بعد تقاعدهم، لكنهم يتملقونه طالما كانوا على رأس عملهم. فإذا كان شركاء نتن ياهو في الإبادة الجماعية يكرهونه، ويسبّونه، ولا يثقون به، فكيف يراه أعداؤه؟
إنه الشيطان نفسه بثوب بشر!