أربعة «كِبار» من باعة الأوهام.. إذ يدعون لوقف «فوري» للنار
محمد خروب
لم تكن ثمة حاجة ماسة او عاجلة, كي يلتقي الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بايدن, كما الرئيس الفرنسي ماكرون, وخصوصا المستشار الألماني شولتز, ما بالك رئيس الوزراء البريطاني ستارمر, بعد اكتشاف عمق «صهيونيته» وعدائه الشديد للشعب الفلسطيني وتنكّره لحقوقه المشروعة, كي يلتقوا في العاصمة الألمانية/برلين, لإصدار بيان هزيل يفيض نفاقاً وانحيازاً للرواية الإسرائيلية, في شأن الحرب الصهيوأميركية/ الغربية على قطاع غزة. (إضافة الى فقرة تدعو الدول الأوروبية الى «مواصلة» دعم نظام الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته/ زيلينسكي, ال?ي بات انهيار جيشه المُفكّك وفاقد المعنويات.. مسألة وقت ليس إلا).
ما يلفت الانتباه في نص «بيان برلين» المُقتضب, الذي وقّعه قادة الدول الاستعمارية الأربعة, ليس فقط في أنه جاء مباشرة بعد إعلان مجرم الحرب الصهيوني/نتنياهو, بعد استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس/يحيى السنوار, ان حرب الإبادة والتهجير والتجويع على قطاع غزة. «مستمرة ولن تتوقًف». بل خصوصا ان هؤلاء الأربعة الذين يواظبون بمناسبة او بدون مناسبة, القول بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». ناهيك عن تبني الشروط التي تطرحها حكومة الفاشيين في تل أبيب حرفياً, لا ترِد في بيانهم او تصريحاتهم سوى التأكيد على «لازمة» («الح?جة الفورية لإعادة الرهائن الاسرائيليين بالطبع إلى عائلاتهم، ووقف الحرب في غزة وضمان وصول المساعدات «الإنسانية» إلى المدنيين»).
بتفكيك العبارة الإمبريالية الخبيثة أعلاه, نستطيع القول ان عودة الرهائن الصهاينة, هي على رأس أولوياتهم (كما ينادي ويشترط نتنياهو), ولا ذِكر لـ«14» ألف أسير فلسطيني, او حتى الإشارة الى عملية «تبادل».
هذا من جهة, ومن جهة أخرى, عند إشارة خجولة لوقف النار, لا يُشيرون الى انسحاب قوات الاحتلال من القطاع, أقله خارج المدن والبلدات وخصوصاً مخيمات القطاع, التي تحوّل بعضها وخصوصاً «مخيم جباليا» في محافظة شمال غزة, الى «محرقة» حقيقية, أين منها أسطورة الهولوكوست المُضخمة. ثم نصل الى ما هو أسوا في ما استبطنه بيان قادة الدول الاستعمارية الأربعة, عندما أشاروا الى وصول المساعدات «الإنسانية», ما يدفع لاستعادة السردية الصهيوغربية الاستعمارية, من أن «حرب الإبادة» لا تخرج عن الإطار «الإنساني», وليس كونها حقوقاً سياسية وتق?ير مصير؟. زد على ذلك كله غياب أي ذكر للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ما رأي الزعماء «الأربعة» في استشهاد السنوار؟ جوزيف بايدن دعا (إسرائيل) إلى «استخدام مقتل السنوار كفرصة للتحرّك نحو السلام»، مُضيفاً إنه قال لنتنياهو: دعونا نجعل هذه «اللحظة أيضاً فرصة للبحث عن طريق للسلام ومستقبل أفضل في غزة بدون حماس». من جانبه، قال شولتز: إن"مقتل السنوار يجب أن يتيح فرصة ملموسة لوقف إطلاق النار في غزة، والتوصّل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس». وجاء الموقف الفرنسي مطابقاً للموقف الأميركي،حيث اعتبر ماكرون، أن استشهاد السنوار يمثّل «نقطة تحوّل» وفرصة يجب اغتنامها من أجل «وقف الحرب»، وقال ماكرون على منصة (X): «هذا اليو? هو نقطة تحوّل وفي الوقت نفسه (نجاح عسكري) لإسرائيل. يجب اغتنام هذه الفرصة حتى يتم تحرير جميع الرهائن وإنهاء الحرب أخيراً». هي المعزوفة الغربية الوحيدة في اوركسترا المُستعمِرين الصهاينة كما الغربيين على حد سواء.
ثمة خطوة أميركية «جديدة/ قديمة», تثير الشكوك, أكثر مما تبعث على تفاؤل نسبي, تتمثل في إعلان بايدن, أنه اوعز الى أنتوني بلينكن/رئيس دبلوماسيته, بائع الأوهام المتفاخر بيهوديته, بأن يقوم بجولة جديدة في المنطقة (بعد «عشر» جولات فاشلة, كانت تروم شراء الوقت للفاشيين الصهاينة لمواصلة حرب الابادة والتهجير على القطاع المُحاصر). إذ تزعم واشنطن إن السنوار كان «عقبة» أمام مفاوضات وقف إطلاق النار، لكن حركة حماس نفت وما تزال تنفي هذه الرواية المفبركة، وتُشدد على أن الفاشي/ نتنياهو مسؤول عن عدم نجاح الجهود الدبلوماسية. في?الوقت عينه الذي واصلَ فيه متحدث الخارجية الأميركية/ميلر, الزعم, بأن واشنطن تريد «استئناف» المحادثات بشأن مقترح لوقف النار وتحرير الرهائن في غزة، مُعتبراً أن مقتل السنوار «حدث مُزلزل». مضيفاً في كذب ووقاحة: أن السنوار كان «العقبة الرئيسية» أمام التوّصل إلى نهاية للحرب.
في الخلاصة ليس ثمة ما يدعو للتفاؤل في مدى جدية التحرك الأميركي الجديد, ليس فقط في انعدام قدرتها بل ورغبتها أيضا بالضغط على نتنياهو, بل خصوصا ان الأخير لم يعد يستمع لهذه الإدارة الكسيحة, التي تدرك ان نتنياهو يعمل جاهدا لتمديدها حتى الخامس من الشهر الوشيك. وهو سيُشهِر اصبعه «الأوسط», في وجه طاقم بايدن كله, حال فاز المُهرج/ترمب, وعودته الى البيت الأبيض. ولن يتضرّر كثيرا نتنياهو ودولته الاستعمارية الإحلالية كثيرا لو جلست كامالا هاريس على مكتب «الراحل» بايدن.
kharroub@jpf.com.jo