«مُسلسل» المُصالحة الفلسطينية إذ «يعود».. هل من جديد؟

محمد خروب

في وقت تدخل فيه القضية الفلسطينية منعطفاً جديداً, يُنذر بوضع مُخطط «تصفيتها» قيد التنفيذ, خاصة بعد ان بدأ مجرم الحرب نتنياهو, تنفيذ مُخطط التهجير الذي بات يُعرف بـ«خطة الجنرالات», عبر إخلاء «كامل» أهالي شمال قطاع غزة, بما فيها المشافي الثلاثة التي استمرت, بتقديم خدمات صحية متواضعة لسكان المنطقة, خصوصاً للأطفال في مشفى كمال عدوان, بعد ان جرّدَ جيش الفاشية الصهيونية, حملة عسكرية مكثفة على كامل القطاع المنكوب.

نقول: في أوقات عصيبة كهذه, وبعد مرور عام على معركة طوفان الأقصى, المتواصلة فصولا وحشية من قبل العدو الصهيوني, الذي بات يعتبرها «حرب القيامة», إذ كان نتنياهو أطلق عليها اسم «السيوف الحديدية», محمولة/معركة الطوفان على صمود شعبي فلسطيني أسطوري, مصحوبا بمواجهة عنيدة وموجعة من فصائل المقاومة لجيش العدو. إذ جاء في «جديد» الأخبار ان وفدا من حركة حماس وآخر من حركة فتح وصلا فبل يومين الى القاهرة, في محاولة أخرى. (من بين أزيد من عشر محاولات سابقة باءت كلها بالفشل, قبل ملحمة طوفان الأقصى وخصوصا بعدها, لتجسير الهوّة «?لعميقة» التي ما تزال تفصل, بين «حركتين» احتكرتا تمثيل القضية وشعبها, وتمترست كل منهما في مربع «احتكار» الوطنية والحقيقة و«ريع» النضال, الذي ما يزال الشعب الفلسطيني يرفع رايته, ويدفع فاتورته الباهظة من دمائه ومعاناته منذ أزيد من مئة عام, قبل وبعد ان برزت في المشهد الفلسطيني المعاصر.. حركة فتح وخصوصا مُنافِستها حماس.

مُجرد وضع جدول أعمال «جديد» لحوار القاهرة الذي بدأ للتو, يعني من بين أمور أخرى, دفن أو طيّ مُخرجات الحوارات السابقة كافة, وليس البناء عليها, بما في ذلك «جولتا» العاصمة الصينية/بيجين, ناهيك عن جولات موسكو, وقبلها ـ لمن لا يتذكّر ــ حوارات القاهرة العديدة, و«دردشات» الدوحة التي كانت تتم, على هامش زيارات رئيس سلطة الحكم الذاتي للعاصمة القطرية.

ماذا عن جدول أعمال الجولة الجديدة؟

ثمة أنباء متباينة حول ذلك, خاصة في ظل الكشف عن «أربعة اقتراحات», تم تقديمها من جهات عربية وأخرى أميركية/ إسرائيلية. أحدها نص على تشكيل لجنة محلية لإدارة غزة «منفصلة» عن السلطة، وآخر/الثاني رأى تشكيل إدارة (عربية ــ أميركية ــ إسرائيلية)، فيما دعا «ثالث» الاقتراحات الى تشكيل إدارة (أميركية ــ إسرائيلية- فلسطينية). وثلاثتها «لم تُقبَل» على ما نسبَته وسائل إعلام الى مسؤول «رفيع» في حركة فتح, الذي أضافَ: ان الاقتراح الذي حظي بموافقة الحركة/فتح, هو اقتراح مصري نصّ على تشكيل «لجنة مُجتمعية» لمساندة قطاع غزة، يتم?تشكيلها بمرسوم صادر عن رئيس السلطة، وتعمل كـ«ذراع للحكومة الفلسطينية».. في القطاع.

ما رأي حركة حماس في ما سبق؟

ما تزال وسائل الإعلام التي تابعت الجولة الجديدة من حوار فتح وحماس, تنسب أخبارها الى مسؤول في هذه الحركة او تلك, كما أشرنا أعلاه الى المسؤول «الرفيع» في فتح, وهنا يقول مسؤول من حركة حماس هذه المرة, ان حركته «تفضّل».. تشكيل (حكومة تكنوقراط من مُستقلين، ويجري تشكيلها بـ«مرسوم رئاسي» للتأكيد على وحدة الأراضي الفلسطينية, ووحدة النظام السياسي، ولرفض المسعى الإسرائيلي الرامي إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية). مُتسائلاً: أنه «وطالما أن تشكيل هذه اللجنة سيجري بمرسوم رئاسي, فلماذا لا يتم تشكيل حكومة بمرسوم رئاسي؟».?في وقت نقلت صحيفة «الشرق» القطرية عن مصدر في حماس أن الحركة لن «تُعارض» تشكيل اللجنة، في حال «إصرار» الجانب المصري وحركة فتح على تشكيلها، لأن حركته ــ أضاف المصدر الحمساوي ــ تدعم أي مسعى فلسطيني وعربي, لإغاثة أهالي القطاع وتوفير احتياجاتهم، وفي مقدمتها إعادة الإعمار وفتح معبر رفح وإدارة الحياة اليومية.

نحن إذا أمام مرونة نسبية تشي بها التصريحات الأولية التي تسبق كالعادة الجلسات الرسمية, وكما يُقال «الأمور بخواتيمها», كما القول المأثور ايضا وبخاصة في الحال الفلسطينية, «العبرة بالتنفيذ», ما بالك ان الحركتين قد جُرِّبتا من قبل في نتائج حواراتهما العديدة, وما أسفرت عنه تلك الحوارات من قرارات ونتائج, بدا للبعض حتى لا نقول السُذَّج انهما/ فتح وحماس, قد قدمتا المصلحة الوطنية العليا, وبخاصة مُستقبل المشروع الوطني الفلسطيني, على مصالحهما الفئوية والحركية وتحالفاتهما الإقليمية والدولية. لكن ذلك كان من احلام ليالي ?يف فلسطيني قائظ. فيما يواصل الشعب الفلسطيني, المقاوم والصابر والمُضحي بسخاء وبطولة, من دمائه وممتلكاته دفاعا عن المشروع الوطني المُهدّد من قبل حلف الشر الصهيوأميركي, ورهط المُستعمِرين القدامي الذين يسيرون في ركاب الصهيونية العالمية, ويدينون لها بوصولهم الى مناصبهم, كما هي حال معظم دول الاتحاد الأوروبي؟. دون ان نُهمل الـ«تعهدات» التي قطعتها كامالا هاريس ودونالد ترمب, للوبي اليهودي, وللدولة العنصرية الإحلالية الفاشية.

هل ينجح حوار فتح وحماس.. الجاري الآن في العاصمة المصرية؟

لن يطول الانتظار.

kharroub@jpf.com.jo