تحويل الأردن الى قائداً إقليمي في مراكز البيانات 2-2
د. حمزه العكاليك
مراكز البيانات باعتبارها منشآت عالية التقنية ضرورية لتخزين ومعالجة وتوزيع كميات هائلة من البيانات، وهذه المراكز تدعم كل شيء من الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي إلى التجارة الإلكترونية والألعاب عبر الإنترنت.
والأردن، بفضل موقعه الاستراتيجي وموارده الوفيرة من الطاقة وقوة العمل الماهرة لديه، يمتلك كل العناصر اللازمه لأن يصبح واحة رقمية في الشرق الأوسط. فمن خلال الاستثمار في بنية تحتية لمراكز البيانات، لا يكتفي الأردن بوضع نفسه كمحور إقليمي للتكنولوجيا، بل يسهم أيضًا في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل وزيادة قدرته التنافسية على الصعيد العالمي.
بناءً على ذلك، ومن خلال الاستفادة من إنتاجه الفائض من الكهرباء، يقدم الأردن إمدادات كهربائية موثوقة وفعالة من حيث التكلفة لمراكز البيانات. إن التزام الحكومة بالطاقة المتجددة، جنبًا إلى جنب مع جعل أسعار الكهرباء اكثر تنافسية، يجعل من الأردن وجهة جذابة لمشغلي مراكز البيانات المهتمين بالبيئة والترابط الاقليمي. وهذا لا يقلل فقط من تكاليف التشغيل لمراكز البيانات، بل يتماشى أيضًا مع أهداف الأردن الأوسع للاستدامة.
كما ان الحكومة الأردنية تعمل بنشاط على وضع لوائح واضحة وفعالة، وتبسيط عملية الموافقة، وتهيئة مناخ أعمال نموذجي لهذها النوع من الصناعه؛ فلقد شرعَت الحكومه الاردنية قوانين تزيد من ثقة المستثمرين بالبيئة التكنولوجية كقانون الامن السيبراني وقانون الجرائم الالكترونية. ويهدف هذا النهج إلى تعزيز الثقة لدى المستثمرين وتشجيعهم على اختيار الأردن كمركز لمراكز البيانات. فوجود بيئة تنظيمية داعمة أمر بالغ الأهمية لجذب الاستثمارات الأجنبية.
ويعتبر الاستثمار في بنية تحتية قوية، بما في ذلك شبكات الكهرباء الموثوقة والاتصال بالإنترنت عالي السرعة، ضروري لنجاح مراكز البيانات. ويعمل الأردن بنشاط على ترقية بنيته التحتية لتلبية احتياجات هذه الصناعة المتنامية. فمن خلال التعاون مع مزودي خدمات الاتصالات، تسعى الحكومة إلى تحسين الاتصال بالإنترنت وتقليل التأخير فمثلاْ منحت الحكومه الاردنية رخصة الجيل الخامس للعديد من شركات الاتصالات الاردنية التي وفرتها بدورها للمواطنين، مما يضمن قدرة مراكز البيانات الأردنية على تقديم خدمات عالية الجودة للعملاء.
علاوة على ذلك، ولجذب المستثمرين الدوليين، يروج الأردن بنشاط لنفسه كمركز إقليمي لمراكز البيانات. تشارك الحكومة في مؤتمرات ومعارض صناعية، تسلط من خلالها الضوء على المزايا التنافسية للبلاد. مما يوفر منصة لعرض قدراته على جمهور أوسع.
ويلتزم الأردن بتعزيز بنيته التحتية للأمن السيبراني وتنفيذ قوانين حماية البيانات القوية. فمن خلال إعطاء الأولوية للأمن والخصوصية، يسعى الأردن لبناء الثقة بين المستثمرين والعملاء، مما يعزز سمعته كوجهة موثوقة لمراكز البيانات. لذا، تعتبر الأمن السيبراني وخصوصية البيانات من الاهتمامات الأساسية في صناعة مراكز البيانات. كذلك، يعد التعاون مع مزودي مراكز البيانات الدوليين خطوة استراتيجية لاكتساب الخبرة وجذب الاستثمار الأجنبي. ويمكن لهذه الشراكات تعزيز نقل المعرفة وتحسين الممارسات المثلى وتسريع نمو صناعة مراكز البيانات في الأردن.
ويستثمر الأردن في برامج التعليم والتدريب لتطوير كفاءات مؤهلة في تشغيل وصيانة مراكز البيانات والأمن السيبراني. فمن خلال التعاون مع الجامعات والمعاهد الفنية، كما ان على الحكومة ان تضمن وجود إمدادات مستدامة من المواهب لدعم نمو الصناعة. إن وجود قوة عاملة ماهرة يعد العمود الفقري لأي صناعة ناجحة.
بالإضافة إلى الخدمات التقليدية لمراكز البيانات، يتوجب على الأردن ان يستكشف أسواقًا متخصصة مثل مراكز البيانات المتخصصة في مجالات مثل الرعاية الصحية والمالية والألعاب. ويمكن لهذه الأسواق المتخصصة تقديم خدمات ذات قيمة مضافة أعلى وجذب أنواع محددة من العملاء. علاوة على ذلك، يجب ان يعزز الأردن الابتكار والبحث في تقنيات مراكز البيانات للبقاء في طليعة المنافسة والتكيف مع الاتجاهات الناشئة.
إن دعم البحث والتطوير في تقنيات مراكز البيانات يمكن أن يساعد الأردن في البقاء في مقدمة الاتجاهات الصناعية وجذب الشركات المبتكرة. وبالتالي، فإن تنفيذ تدابير للاحتفاظ بالمواهب الماهرة داخل الأردن، مثل الرواتب التنافسية، وفرص التطوير المهني، أمر ضروري لنجاح صناعة مراكز البيانات على المدى الطويل.
فمن خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يضع الأردن نفسه كقائد إقليمي في صناعة مراكز البيانات. ويمكن لقطاع مراكز البيانات المزدهر أن يعزز النمو الاقتصادي، ويخلق فرص عمل، ويعزز القدرة التنافسية الرقمية للأردن. ومع استمرار الطلب على البيانات في الازدياد، ستعزز استثمارات الأردن الاستراتيجية والتزامه بالاستدامة مكانته كوجهة مفضلة لمشغلي مراكز البيانات حول العالم.
ولضمان النجاح على المدى الطويل، يجب على الأردن الحفاظ على بيئة أعمال مواتية، والاستثمار في البنية التحتية، والترويج لقدراته كمركز لمراكز البيانات. كما أن معالجة التحديات مثل احتفاظ المواهب وتكاليف الطاقة والمخاوف البيئية أمر بالغ الأهمية. فمن خلال تنفيذ استراتيجيته بنجاح في مراكز البيانات، يمكن للأردن تعزيز التنمية الاقتصادية، وتشجيع الابتكار، والمساهمة في التنمية المستدامة.