على الرئيس التمرد أكثر والخروج من "لعنة الخصاونة" .. ماذا بعد تفقد أحوال الرعية؟

فرح سمحان 


خلطة سيكولوجية يعمل رئيس الوزراء جعفر حسان على تكوينها بين الأوساط والتجمعات الأردنية، وهذا أبعد من كونه حرص على "خلطة سرية" لا يريد الإفصاح عنها على الأقل حاليًا، إذ تدور التساؤلات بمجملها عن الاختلاف الذي سيميز حكومته عن حكومة بشر الخصاونة، تحديدًا  وأن الأخير رحل وترك خلفه جملة من الملفات التي لا تزال عالقة على الحفة المتأرجحة، وسط إنجازات يقال إن الحكومة الحالية ستكملها، لكن تبقى لعنة "أجمل الأيام" التي أدرجها الخصاونة لعنة من المؤكد أن حسان ووزراءه لا يريدون التمسك بها، أو التفكير في تكرارها. 

الرئيس حسان لم يهدأ حقًا منذ أن تولى الرئاسة، ويدور كثيرًا في صولات وجولات إلى مدارس ومستشفيات، وسط توجيهات وتأكيدات قريبة من لهجة الشارع، ومن لغة المسؤولين في التقاط الإشارة والتنفيذ، لكن دَفعة جريئة من التساؤلات  تريد أن تفهم ماذا بعد العمل الميداني، والآلية التي ستحصد نتائج العمل وترقيع الأخطاء، وهل سيلتقط الوزراء بمن فيهم قدامى حكومة الخصاونة الرسالة، لا سيما وأن بعضهم يتابع من حيث قرر وبدأ، لكن بتكنيك أكثر توسعًا من السابق. 

الكثير عبروا عن إعجابهم بفكرة خروج الرئيس من مكتبه، وإجراء جولات إلى مناطق نائية تحتاج بالفعل للخدمات وإعادة التأهيل ، لكن اللافت أيضًا هو شح التعليق خلال الزيارات، أي أن الوضع يشير إلى أن الدكتور حسان لا يريد أن يكون رئيس الوزراء الممل الروتيني الذي يُكثر الكلام، وكأنه يمن على المواطنين بخروجه إلى الميدان، في حين يصعد سقف الطموحات إلى ما هو أكبر من ذلك، إذ يرى الشارع الأردني بمكوناته كافة أن مرحلة ما بعد الميدان وتفقد أحوال الرعية يجب أن تكون أكثر فوقية وتمردًا على الأفكار البروتوكولية وسياسية صف الأوراق، ومن المتوقع حتمًا أن يحمل القادم مفاجآت ستثير الجدل في شكل التعامل مع بعض الملفات التي ما زال البت فيها متروكًا إلى عمل الوزراء والحسابات المنطقية، ومتطلبات المرحلة أيضًا. 

وما لم يكن محسوبًا وفق "تعليلة الساسة" التي بدأت تلاحظ شكل العلاقة بين الرئيس ووزرائه، هو أن حسان لا يرد أن يظهر قربه من أحد حتى في الميدان، فهو يخرج بصمت كبير، والواضح أنه يأخذ قراراته بمعزل عن تجارب الوزراء الذي تقع عليهم مسؤولية إثبات الذات في مرحلة حاسمة وحساسة من عمر الدولة الأردنية، عكس الرئيس الخصاونة الذي كان يميز بعض الوزراء، ويظهرهم على أنهم الأقرب له، لكن لا يمكن التذرع بذلك للحكم النهائي على شكل العلاقة بين الرئيس حسان والوزراء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن عطوة تلوح بالأفق للخروج بقرارات هي شأن خاص بالرئيس وحده.