عام على «العدوان»: حسابات الربح والخسارة
عوني الداوود
في العناوين الرئيسة للمشهد بعد مرور عام من العدوان على غزة في مثل هذا اليوم من العام الماضي (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، يمكن تلخيص الحصاد في العناوين التالية:
أولًا- ما حققته إسرائيل:
1 - غزة: تدمير شامل للبنى التحتية، فلم تعد غزة مدينة صالحة للحياة. وحصيلة حرب الإبادة حتى يوم أمس، وفقًا للأرقام المعلنة، تقول إن هناك أكثر من (42 ألف) شهيد ونحو (97 ألف) جريح.
2 - الضفة: اعتداءات متواصلة على المدن والمخيمات الفلسطينية، والإحصاءات الرسمية تقول إن عدد الشهداء أكثر من (740)، من بينهم (163) طفلًا، والجرحى أكثر من (6250) منذ 7 أكتوبر.
3 - في السجون الإسرائيلية: زاد عدد المعتقلين منذ 7 أكتوبر لأكثر من (11) ألف معتقل.
4 - تصعيد إقليمي مع حزب الله في لبنان منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثم دخول الحوثيين في اليمن على الخط، مما أدى -حتى الآن- إلى إغلاقات عند باب المندب والبحر الأحمر.
5 - منذ اليوم الأول وإسرائيل بقيادة نتنياهو تجر المنطقة إلى الهاوية من خلال توسيع رقعة الحرب من أجل تحقيق مآرب وأطماع «شخصية» تجنب نتنياهو السجن بسبب قضايا فساد، وأطماع «إسرائيلية وصهيونية» من خلال القضاء على كل ما، ومن، يهدد أمن أو «وجود إسرائيل». ولذلك، وسعت إسرائيل رقعة الحرب في سوريا واليمن ولبنان على مدى عام.
6 - لبنان: صعدت إسرائيل من اعتداءاتها ضد لبنان، وتمثل ذلك مؤخرًا بحرب «البيجرات»، ثم الاغتيالات، وأخطرها اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله، وقيادات حزب الله. وهي اليوم تدمر «الجنوب» في سيناريو يبدو وكأنه «غزة 2».
7 - إيران: هجوم إسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، ورد إيراني على إسرائيل بقصف بمسيرات وصواريخ في أبريل/نيسان الماضي، ثم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في عقر العاصمة الإيرانية طهران. لترد إيران على إسرائيل بأكثر من 250 مسيرة وصاروخًا في الأول من تشرين الأول 2024.
باختصار: ما نجحت إسرائيل بتحقيقه على مدى العام هو مزيد من القتل والدمار والتعذيب والتشريد والتجويع.
ثانيًا- ما فشلت إسرائيل بتحقيقه:
على مدى العام، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها:
1 - فشلت حتى الآن في تحقيق أهم أهداف حربها -كما زعمت- وهو إعادة الرهائن بالقوة العسكرية.
2 - فشل إسرائيل في القضاء على «حماس» قيادات أو وجودًا (داخل غزة).
3 - بدلًا من «دفن القضية الفلسطينية»، عادت القضية بقوة وزاد عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية والدول التي باتت تؤيد حل الدولتين.
4 - فشلت إسرائيل في حربها لإنهاء «الأونروا» بعد ادعاءاتها الكاذبة واتهاماتها لهذه المنظمة الدولية بمشاركة عدد من موظفيها في أحداث السابع من أكتوبر، لتعيد كثير من الدول مساهماتها للمنظمة بعد كشف الحقائق (رغم عدم كفاية تلك المساعدات).
5 - خسرت إسرائيل معركتها القانونية والأخلاقية أمام محكمة العدل الدولية التي انضمت إليها عديد من الدول لإثبات جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
6 - خسائر إسرائيل (الاقتصادية) تقدر بنحو 70 مليار دولار في العام الأول بسبب العدوان على غزة، بحسب أرقام إسرائيلية رسمية.
7 - خسائر في البنى التحتية داخل الأراضي المحتلة في الشمال والجنوب، إضافة إلى نزوح سكان مناطق الشمال، وتعطل كثير من الأعمال وإغلاق المدارس.
8 - تعطيل العديد من المشاريع الإقليمية الكبرى التي كانت إسرائيل تمنّي النفس بإقامتها.
9 - إحباط مخططات التهجير التي كانت تخطط لها، سواء من غزة إلى مصر أو من الضفة إلى الأردن.
ثالثًا- الدعم الأردني:
الأردن، ومنذ اليوم الأول للعدوان على غزة، أعلنها تمامًا وعلى لسان جلالة الملك بأن: «بوصلتنا فلسطين، وتاجها القدس الشريف»، والأردن كان ولا زال وسيبقى المدافع الأول عن غزة والضفة وفلسطين - ليس منذ 7 أكتوبر فحسب - بل ومنذ 1948، والمدافع عن لبنان وعن الأمة العربية كلها، بل ورسول سلام للمنطقة والعالم.
الموقف الأردني المتقدم والمتحد جيشًا وشعبًا خلف القيادة الهاشمية، خلاصة محاوره الرئيسة خلال عام (والمفصلة في عدد «الدستور» اليوم كما رصدها «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» يومًا بيوم) تتمثل بالعناوين التالية:
1 - الحفاظ على أمن الأردن وسيادة أجوائه وحدوده.
2 - جهد دبلوماسي متواصل إقليميًا وعالميًا لحشد التأييد للقضية الفلسطينية.
3 - الأردن بوابة دولية للمساعدات إلى غزة وفلسطين.
4 - الحفاظ على منعة الاقتصاد بالتحوط والإصلاحات.
5 - المضي قدمًا برؤى التحديث السياسي والاقتصادي والإداري.
6 - تفنيد سردية الرواية الإسرائيلية عبر وسائل الإعلام الغربية والمنابر الدولية.
7 - دعم لبنان، وجهود لمنع حرب شاملة في الإقليم.
باختصار:
حرب الإبادة مستمرة بعد عام على بدئها، والتحذيرات من عدم تحولها لحرب شاملة «فشلت»، فالنيران تتمدد في الإقليم، وإذا لم يتحد العالم في وجه الأطماع الإسرائيلية فالثمن لن تدفعه دول المنطقة فقط، خصوصًا إذا تحولت الحرب إلى عالمية -لا قدر الله-.