"منجمون" يتحولون لـ"خبراء زلازل" بين عشية وضحاها..!

*ابوكركي: التنبؤ بالزلازل والهزات الأرضية غير ممكن نهائياً
*هذه هي أهم الزلازل التي ضربت الأردن وأقواها كان عام 1927
*من الممكن ان تشعر بها الحيوانات مسبقا.. والعالم الهولندي يبحث عن الشهرة !

محمود كريشان

فئة من المنجمين والمهرجين ومن دار بفلكهم دأبت على التهويل وإثارة الهلع وأحاديثهم التي لا ترتكز على أي حقيقة ولا واقع حول الزلازل، فما ان يحدث زلزال في اي دولة مجاورة او حتى بعيدة تبدأ فئة قليلة في الأردن بتداول أخبارا عن الزلازل التي ضربت تلك بلدان، ومدى تأثر الاردن بتلك الزلازل ليتحولوا بين عشية وضحاها الى خبراء وعلماء في علم الزلزال، وتخويف الناس، وما الى ذلك من احاديث وتنبؤات عن حدوث زلازل وفيضانات ستحدث في اليوم الفلاني وفي البلد الفلاني..!

*هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟
وفي هذا السياق، أكد أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل، الاستاذ الدكتور نجيب أبو كركي، أنه لا يُمكن لأحد على وجه الأرض حتى اللحظة، التنبؤ بوقت وقوع الزلزال ومكان حدوثه، وأن أي حديثٍ يجري تداوله عن تعرض منطقة لزلزال مؤكد ومُدمر خلال فترةٍ زمنيةٍ بعينها، لا أساس له من الصحة، ولا يستند إلى أسسٍ علمية، وأن كلّ ما يجري تداوله في هذا السياق هو محض إشاعات وليس علميا، وحتى كُبرى الدول لم تستطع حتى الآن إيجاد أي وسيلة حقيقية تُمكنها من التنبؤ بالزلازل كالولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان التي بدورها فشلت في التنبؤ بالزلزال المدمر الذي باغتها في عام 2011، والذي كان بقوة 9 درجات على مقياس ريختر، وأحدث دمارا هائلا وموجات مد بحرية قتلت الآلاف من الأشخاص، وسببت واحدة من أكبر الكوارث النووية في العالم، بالرغم من أن المنطقة كانت تحت مراقبة زلزالية دقيقة، مشيرا الى انه يمكن تخمين قوة الزلزال فقط من خلال دراسات تاريخية، أما تحديد المكان والموعد بدقة فهذا غير ممكن نهائيا.

*المشهد الزلزالي في الأردن
وبين أبو كركي: إن أهم الزلازل التي ضربت المنطقة خلال القرن الماضي عام 1927 زلزال فلسطين في وادي الاردن بالقرب من دامية بقوة 6.2 تسبب بزهاء 325 ضحية ثلثيهم بنابلس والسلط وعدد الضحايا كان قليلا في عمان ورد انهم 8 و 2 في مادبا وتسبب بتهدم المسجد العمري الذي بني على انقاضه المسجد الحسيني الكبير بوسط البلد، كذلك في 22 تشرين ثاني 1995 في اواسط خليج العقبة بقوة 7.3 بالقرب من نويبع تسبب ب 10 ضحايا معظمهم في مصر و 69 جريحا وللمقارنة بنفس الفترة حصلت عشرات الزلازل الكبيرة من 6.5- 8 في كل من تركيا وايران، اما تاريخيا فإن أهم الزلازل كان في 749 للميلاد و 1033 ثم 1068 و 1837 للميلاد، كما أحس الاردنيون بزلازل اقل قوة دون تأثير في 1979 و 1984 و 2004 وهي غالبا.

 ما بين الاردن وفلسطين بوادي الاردن او وادي عربة
وفي إجابته عن سؤال «هل الأردن معرّض للزلازل»؟.. بيّن أبو كركي أن الأردن يحاذي حدود صفائح الصدع التحريري الأردني، أو ما يعرف بحفرة الانهدام، وهذه يحصل بها زلازل من النوع المتوسط، لكنه إذا كان قريبا من الأماكن السكنية قد يكون مؤثرا لكنه ليس من اقصى الزلازل التي يمكن ان تحصل في العالم، لافتا إلى أن أي منطقة شهدت حدوث زلزال في فترة سابقة، هي معرضة لحدوث زلازل جديدة، ولكن بوقت لا يمكن تحديده، قد يكون بعد عشرات أو مئات السنين، خاصة وأن الزلازل كظاهرة تحدث فجأة، والكلّ يتخوف منها، ولكن هذه التخوفات تكون حسب خطورة المنطقة، فإذا كنت في اليابان أو تركيا يكون الخطر أكبر، منوها الى أن الزلازل ظاهرة طبيعية ولا يجب أن تصبح رعباً.

*الحيوانات والزلازل
وفي حديثه عن النظرية التي تربط بين الحيوانات وشعورها بالزلزال قبل وقوعه، قال ايوكركي: بالطبع في العلم لا شيء يُهمل ولذلك تُجرى دراسات حول كل هذه الأمور، لكن مثلا المدينة الصينية الت يقال ان الكلاب هجرتها قبل حدوث زلزال، تبين أنهم أفرغوها 15 مرة بشكل غير صحيح وفي المرة الـ16 صدقت، وقال عالم صيني من نفس المدينة في مؤتمر علمي في باريس إن الأمر لم يكن مرتبط بموضوع الحيوانات، بل كان دراسات وقياسات جيوفيزيائية، أما في ما يتعلق بالحيوانات، هناك تجربة علمية يسموها الخط الساخن أو الأحمر أجريت في كاليفورنيا وهي منطقة معروف أن زلزاليتها أكبر من زلزالية العالم العربي بشكل كبير، قامت خلالها المراصد بالطلب من الناس إبلاغهم بأي تصرف غريب يحدث لأي حيوان، لكن التجربة فشلت، لماذا؟ لأنه مثلا في أيام كان يأتيهم الكثير من الاتصالات حول تصرفات غريبة لحيوانات ولكن لا يحدث زلزال، وفي أيام أخرى يأتيهم عدد اتصالات أقل ولكن يحدث هزات بسيطة، كذلك الحيوانات البليدة التي يربونها في البيوت ويعتنون فيها جيدا لم تُعد تُحس، ولكن قد تكون الحيوانات التي تعيش في الصحراء مثلا الأفاعي التي ينضغط جسمها إذا كان هناك ضغوط في الأرض أو تسمع دبيبا بشكل أفضل، ولكن لنكن منطقيين؛ مثلا مدينة يوجد فيها 10 آلاف كلب ولاحظ مالكو 500 منها تصرفات غريبة عليها وبعدها حدث زلزال، لكن لو لم يحدث زلزال لن يلاحظ أحد هذه التصرفات الغريبة، وبالتالي الموضوع يحتاج لدراسة علمية أدق.

*العالم الهولندي
وعن تنبؤات العالم الهولندي فرانك هوغربيتس، قال د. ابوكركي: للأسف من منح هذا العالم المجد هو الإعلام العربي في الغالب، مثلا يقولون العالم الذي تنبأ بكذا، أنا شاهدت تصريحاته لم أجد فيها أي تنبؤ، بمعنى حينما يقول إن هذه المنطقة سيحصل فيها زلزال عاجلا أم آجلا، بالتأكيد أي منطقة فيها صدع زلزالي سيحصل فيها زلزال عاجلا أم آجلا، وهذا من أهم مبادئ الزلازل، كذلك أي منطقة حدث فيها زلزال سيحدث فيها أمر مشابه مستقبلا، كذلك من مراقبتي لأسلوب كلامه وغموضه تبين أنه ليس لديه أي شيء، وحتى أقنع الناس أحاول أحيانا اختراع توقعات، مثلا يمكنني القول أن الخميس القادم سيكون هناك عرس أو حدث ما في الأردن، وبالتالي حينما يرى شخص عرسا سيقول صحيح، وبالتالي إذا كان هناك حدث متأكد أنه سيحدث لا يسمى هذا تنبؤا، كما ان هناك مناطق والتي يوجد فيها زلزال كبير وهزات ارتدادية من السهل أن أقول عنها أنه في وضع حرج وسيحدث زلزال، وبالطبع هو عندها يقول أنني تنبأت والصحافة للأسف تأخذ كلامه على محمل الجد..!