الوهادنة يكتب :" الاستدامة الذاتية في القطاع الصحي ضرورة ملحة لمواجهة تحديات المستقبل في الأردن"

بقلم - الدكتور عادل محمد الوهادنة

النقاط الرئيسية: المقدمة:

استشعار الخطر وتحذيرات الملك حول "الوطن البديل" تشيران إلى ضرورة تعزيز الاستدامة الذاتية في القطاعات الحيوية. وخاصة القطاع الصحي القدرة على الاستدامة بانت مطلباً ملحاً في ظل التحديات العالمية والأزمات المتوقعة. الاستدامة الذاتية وتجارب الدول المقارنة مع دول مثل فنلندا وسنغافورة توضح أن النجاح في استدامة القطاع الصحي يعتمد على الإنتاج المحلي للأدوية والمستلزمات الطبية، وتطوير أنظمة رقمية فعالة وإدارة البنية التحتية الصحية بكفاءة.

تحديات القطاع الصحي الأردني

رغم التقدم الملحوظ يعتمد الأردن بنسبة 70% على استيراد الأدوية، مما يجعله عرضة لتحديات قد تنشأ في حال تعطل سلاسل التوريد هذا يبرز أهمية تعزيز الإنتاج المحلي والبنية التحتية الصحية.

دروس من الأزمات العالمية دراسة دول مثل إستونيا وألمانيا توضح كيف أن الاستثمار في الأنظمة الرقمية والإنتاج المحلى يساهم في مواجهة الأزمات بشكل أكثر فاعلية، وهو ما يفتقر إليه الأردن حالياً. التحسينات المطلوبة في الأردن ضرورة تسريع الجهود لتعزيز الإنتاج المحلى للأدوية والمستلزمات الطبية الاستثمار في التكنولوجيا الصحية وتطوير الأنظمة الرقمية الزيادة كفاءة القطاع الصحي.

الاستشعار بالخطر هو عزيزة وهبها الله لخلقه، تحفز على التحرك الاستباقي لمواجهة الأزمات في هذا السياق، جاءت تحذيرات جلالة الملك بشأن إشاعات الوطن البديل" لتثير أسئلة ملحة حول جاهزية الأردن في مختلف القطاعات، وعلى رأسها القطاع الصحي إن القدرة على الاستدامة الذاتية في القطاع الصحي بانت ضرورة ملحة، خاصة في ظل التحديات العالمية والأزمات التي تبدو أكثر قرباً مما تتخيل.

تشير الدراسات المقارنة في الدول ذات الأنظمة الصحية القوية مثل فنلندا وسنغافورة إلى أن الاستدامة الذاتية في القطاع الصحي تعتمد بشكل أساسي على مجموعة من العوامل المتداخلة، منها القدرات الإنتاجية المحلية للأدوية والمستلزمات الطبية، الأنظمة الرقمية التي السهل إدارة الأزمات، والبنية التحلية الصحية التي تتمتع بالكفاءة والاستمرارية على سبيل المثال، أظهرت سنغافورة مرونة استثنائية خلال جائحة 19-COVID ، وذلك بفضل استثمارها طويل الأمد في التكنولوجيا الصحية والبحث العلمي.

رغم الإنجازات الملحوظة التي حققها القطاع الصحي في الأردن، لا تزال هناك تحديات تتعلق بالاستدامة الذاتية فالاعتماد الكبير على استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية يزيد من الضغوط على هذا القطاع، خاصة في أوقات الأزمات بحسب إحصاءات من وزارة الصحة يعتمد 70% من الأدوية المستخدمة في السوق المحلية على الاستيراد، مما يبرز أهمية تعزيز الاستقلالية في هذا المجال الحيوي.

لذلك، من الضروري تسريع الجهود لتعزيز الإنتاج المحلي وتطوير البنية التحتية الصحية، إلى جانب تعزيز الابتكار التكنولوجي، الضمان جاهزية القطاع الصحي في مواجهة التحديات المستقبلية الأردن لديه فرصة للاستفادة من التجارب الدولية لبناء نموذج مستدام بعزز قدرته على التكيف مع الأزمات المقبلة.

تشير الدراسات المقارنة العالمية إلى أن الاستدامة الذاتية في القطاع الصحي للطلب منظومة متكاملة من الموارد المحلية الكفاءات البشرية، والتقنيات المتقدمة. فالدول التي استطاعت تحقيق استدامة ذاتية قوية في هذا القطاع تعتمد على قدرة إنتاجية محلية متطورة، مثل المانيا التي تنتج أكثر من 80% من أدويتها ومستلزماتها الطبية محليا، الأمر الذي مكنها من تجنب أزمات نقص الأدوية حتى في أشد الظروف بالمقابل، يعتمد الأردن على الاستيراد في نسبة كبيرة من الأدوية، وهو ما يعرضه لخطر الاعتماد الخارجي في الأوقات الحرجة.

وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة IMS Health ، فإن الدول التي تعتمد على أنظمة صحية رقمية، مثل إستونيا، كانت قادرة على مواجهة الأزمات بشكل أكثر فاعلية حيث تظهر التجربة الإستونية كيف أن البنية التحتية الرقمية المتقدمة قللت من نسبة الأخطاء الطبية وزادت من كفاءة توزيع الموارد الصحية، وهو ما يؤكد الحاجة الماسة في الأردن لتطوير نظام رقمي متكامل يسهم في إدارة الأزمات الصحية بفاعلية.

على الصعيد المحلي، أظهرت أزمة جائحة كورونا قدرة القطاع الصحي في الأردن على التكيف والصمود، لكنها أيضاً كشفت بعض الجوانب التي تستدعى تحسينات. وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة، يعتمد الأردن بنسبة 70% على استيراد الأدوية، مما يجعله عرضة التحديات قد تنشأ في حال تعطل سلاسل التوريد العالمية هذه المعطيات تبرز الحاجة إلى تعزيز القدرات المحلية، ليس فقط في مجال تصنيع الأدوية، ولكن أيضاً في إنتاج الأجهزة والمستلزمات الطبية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير الأرقام إلى نقص في بعض التخصصات الطبية الحيوية، خاصة في مجالات الأمراض الوبائية والمناعة، وهي مجالات أصبحت حيوية مع تزايد مخاطر الأوبئة العالمية دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أوضحت أن الدول التي استثمرت في تدريب وتأهيل كوادر طبية متخصصة في هذه المجالات، مثل جنوب كوريا، كانت أكثر قدرة على التصدي لجائحة كورونا.

لذلك، فإن الحل في الأردن يكمن في بناء استراتيجية متكاملة لتعزيز الإنتاج المحلي في الأدوية والمستلزمات الطبية، الاستثمار في التكنولوجيا الصحية، وتطوير البنية التحتية الرقمية للقطاع الصحي أن الاستدامة الذاتية للقطاع الصحي هي أحد أهم ركائز الصمود الوطني، وليس هناك وقت أفضل من الآن للبدء في هذه الإصلاحات.

تجارب الدول الأخرى تقدم لنا دروسا مهمة الاعتماد على النفس وتطوير القدرات المحلية هما أساس مواجهة الأزمات الكبرى. ومن هناء فإن الأردن مطالب اليوم بتطوير خطة استراتيجية شاملة لتعزيز الاستدامة في القطاع الصحي، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة الضمان جاهزيته لمواجهة أي أزمات مستقبلية، وضمان الأمن الصحي الوطني.

في السنوات الأخيرة، شهد الأردن تقدماً في تعزيز الاستدامة الذاتية في القطاع الصحي، خاصة من حيث إنتاج الأدوية، تحسين البني التحتية، وتطوير الموارد البشرية فيما يلي ملاحظات رقمية توضح مدى هذا التطور إنتاج الأدوية محلياً : زيادة الإنتاج المحلي للأدوية : في عام 2023 ارتفعت نسبة الأدوية المنتجة محلياً إلى 30% من إجمالي الأدوية المستخدمة في السوق المحلي، مقارنة بـ 20% في عام 2018. هذا يمثل زيادة بمقدار 10% خلال خمس سنوات.

الصادرات الدوائية : الأردن يعتبر من الدول الرائدة في صناعة الأدوية في المنطقة، حيث بلغت قيمة صادرات الأدوية المحلية 1.5 مليار دولار في عام 2023، بزيادة 12% عن عام 2020، وفقاً لإحصائيات غرفة صناعة الأردن.

تحسين البنى التحتية الصحية : زيادة عدد المستشفيات الحكومية والخاصة في الفترة من 2018 إلى 2023، تم افتتاح 6 مستشفيات جديدة في مختلف مناطق المملكة، بما في ذلك مستشفيات متخصصة في أمراض السرطان والقلب.

التوسع في الرعاية الصحية الأولية يتم بناء 25 مركزاً صحياً جديداً خلال السنوات الخمس الماضية، ما عزز من القدرة على تقديم الرعاية الأولية للسكان في المناطق الريفية والثانية.

تطوير البنية التحتية الرقمية بين عامي 2020 و 2023، تم ربط 80% من المستشفيات والمراكز الصحية في الأردن بنظام الكتروني موحد لتبادل البيانات الطبية، مما أدى إلى تحسين سرعة الاستجابة للأزمات وتقليل الأخطاء الطبية بنسبة 15%
تطوير الموارد البشرية زيادة عدد الأطباء المتخصصين في عام 2023، بلغ عدد الأطباء المتخصصين في الأردن 30% طبيباً لكل 10,000 نسمة، مقارنة بـ 26 طبيباً لكل 10,000 نسمة في عام 2018، مما يمثل زيادة بنسبة 15%9 برامج التدريب والتطوير تم تنفيذ أكثر من 50 برنامج تدريب وتأهيل للكوادر الطبية بالتعاون مع مؤسسات دولية خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تم تدريب 2000 طبيب وممرض في تخصصات مختلفة، بما في ذلك الأمراض الوبائية والرعاية الحرجة  التخصص في الرعاية الوبائية : شهدت الفترة الأخيرة زيادة في عدد المتخصصين في علم الأوبئة والصحة العامة بنسبة 25%، مما عزز القدرة على التصدي للأمراض المعدية، خاصة بعد تجربة جائحة كورونا.

التمويل الصحي والاستثمار: زيادة الإنفاق الحكومي على الصحة: ارتفعت ميزانية وزارة الصحة في الأردن إلى 1.4 مليار دينار أردني في عام 2023، مقارنة بـ 1.1 مليار دينار في عام 2018، مما يعكس زيادة في الإنفاق بنسبة 27% على مدار خمس سنوات.

الاستثمار في البحث العلمي تم تخصيص ما يقارب 50 مليون دينار سنوياً في البحث والتطوير الطبي، بما في ذلك تطوير اللقاحات والأدوية، بالتعاون مع الجامعات المحلية والدولية.

مواجهة الأزمات الصحية
تعزيز الاستعداد للأزمات في ضوء جائحة 19-COVID ، قامت الحكومة الأردنية بإنشاء مخزون استراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية يكفي لتغطية الاحتياجات لمدة 6 أشهر، مقارنة بـ 3 أشهر فقط قبل الجانحة.

استجابة الأردن الجائحة كورونا وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، تمكن الأردن من السيطرة على الجائحة بشكل فعال، حيث بلغ معدل الوفيات من كورونا في الأردن 1.1% من الإصابات المؤكدة، وهو من بين أدنى المعدلات في المنطقة.

الخلاصة:
أحرز الأردن تقدماً ملحوظاً في تعزيز الاستدامة الذاتية في القطاع الصحي خلال السنوات الأخيرة، مع زيادة ملحوظة في إنتاج الأدوية محلياً، تحسين البنى التحتية الصحية، وتطوير الكوادر الطبية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى مواجهة مثل زيادة نسبة الإنتاج المحلي للأدوية إلى مستويات أعلى وتعزيز المزيد من الاستثمار في البحث والتطوير الطبي لضمان صمود القطاع الصحي أمام أي أزمات مستقبلية.