لماذا بقي الأردن؟!
سميح المعايطه
كل ما يجري حولنا من زوال لكيانات وتنظيمات مسلحة ودول أو تغير لأدوارها وتبعثر وجودها يجعلنا نتوقف مع دول في مقدمتها الاردن ادارت علاقاتها مع الخصوم والازمات والاعداء وانتقلت من كارثة حولها او مؤامرة داخلها الى بر الامان.
الأردن واجه الازمات بالقوة والحسم والحزم حين كان الامر يتعلق بجهات لا يمكن مواجهتها الا بالقوة مثل الارهاب والتطرف والعدوان الصهيوني في الكرامة وغيرها وحتى مؤامرات لاسقاط الدولة حملت اسماء حركية كاذبة مثل الاصلاح او قضية فلسطين، وواجه تحديات بالامن القوي والدفاع المتقدم أمنياً من خلال اختراق تلك الجهات سواءً كانت داخل الاردن او خارجه، ودافع عن نفسه بطرق طويلة الامد ولا يعلمها احد ونجح في معرفة كل تآمر او نوايا عدائية تجاه الدولة والاردنيين، فكان امنا وقائيا متقدما له رجاله وابطاله الذين ربما نلتقي ببعضهم و?ا نعرف فضلهم وجهدهم.
لكن المسار الاهم الذي حفظ الاردن فيه نفسه ووجوده وقوته وواجه به كثيراً من خصومه والحاقدين عليه كان ومازال الحكمة وبُعد النظر في تعامله مع الداخل والخارج، فالاردن لم يكن يوماً دولة صراخ وضجيج بالبطولات او ادعاء امور غير حقيقية، ولم يكن الاردن دوله مراهقة او استعراضية، ولم تكن قيادة هذا البلد يوما تفكر برعونة تدفع بالاردن والاردنيين الى الموت والدمار او تشريد شعبها وتحويلهم الى لاجئين، قيادة مارست حماية الاردن بالسياسة والحكمة وقدمت طوق النجاة للاردنيين من كل ازمة ومرحلة حروب بالادارة السياسية الرفيعة، دولة ?ستثمر كل علاقاتها لحماية مصالحها.
للاردن تحالفات مثل كل الدول التي حولنا فحتى «الثوار والمقاومون والمجاهدون» في الإقليم لهم حلفاء في روسيا او ايران او الصين، لكن الاردن له علاقات بالجميع وله تحالفات الغاية منها قوة الاردن وبقاؤه.
الرعونة وحروب المهرجانات وبطولات الميكروفونات ليست لغة اردنية، ورأينا ونرى من عبث بمشاعر الامة بالصراخ منذ عشرات السنين الى اليوم ماذا ورثوا لشعوبهم واتباعهم سوى الموت والتهجير، لانها بطولات وهمية لا تستند الى قوة حقيقية، فحين جاءت المواجهة الحقيقية كان الدمار والموت واحتلال الارض.
حتى لو كنت تحمل قضية مقدسة فان هذا لا يعطي لمن يقود الحق في الرعونة ورمي الشعوب تحت أقدام الموت قتلى وجرحى ومهجرين، فالحكمة وحسن ادارة المراحل والقضايا هو مايصنع الفرق بين قيادة واخرى.
البعض حولنا ومعنا يغيظهم الاردن الذي ينجو بنفسه من المراهقة وبطولات الفضائيات ويحفظ لشعبه امنه واستقراره، فالاردن حافظ على الدولة وقطع ايدي العبث، قاتل حين كان هذا هو الخيار الوحيد، وكانت قيادته حازمة حين كان هذا هو الحل، لكنها قيادة عبر العقود حافظت على مصالح الاردنيين فاستقبلت لاجئين من عشرات الدول وحافظت على الاردني عزيزا في بلده، قاتلت مناصرة لقضية فلسطين حين كان الجميع يقاتلون، وحين اختار اهل القضية السلام مع اسرائيل وقعت بعدهم، وفي كل الازمات ادارت مصالحها بالحكمة دون هوج او جنون السياسة فكان الذي نر? بفضل الله تعالى.