الأردن تحت خط مؤشر المعرفة العالمي فما العمل؟ (1)
د.فريال حجازي العساف
مؤشر المعرفة العالمي أداة في نطاقات المعرفة والتنمية في العالم، إذ يشكل إطارا لفهم وقياس الأداء المرتبط بالمعرفة، ويضم سبعة مؤشرات هي: التعليم العام، والتعليم العالي، والتعليم التقني والتدريب المهني، والبحث والتطوير والابتكار، وتكنولوجيا المعلومات، ومؤشر الاقتصاد ومؤشر البنية التمكينية، ويستدل به على أداء الدول والحكومات في حالة تحليلية معرفية وتنموية، وعند المعالجة التفصيلية يشتمل على 155 متغير تؤخذ من أربعين مصدر منها الأمم المتحدة والبنك الدولي واليونسكو والاتحاد الدولي للاتصالات والمنتدى الاقتصادي العالمي، ويتم معالجة المتغيرات بطرق إحصائية تعمل على توحيد مرجعية المتغيرات لتسهل المقارنة بطريقة تضمن النزاهة والعدالة لممارسات على مستوى الدول مهما كان وضعها الاقتصادي أو الاجتماعي، ومهما أختلفت العقيدة الدينية والفكرية في كل دولة، وقد تم إضافة معلومات تبين دخل الفرد ونصيبه من خدمات الإنترنت والمياه والطاقة المتجددة، ويتم إجراء عملية لوغاريتمية من أجل تسطيح المعلومات ليتم رؤية مقارنات على مستوى البلدان المختلفة، وربما يسهم الدخل واحتياطيات النقد على مستوى هذا المؤشر بين دولة وأخرى ولكن يبقى هذا التأثير محايدا إلى حد ما.
وفيما يتعلق بالأردن، فقد كانت النتيجة مفزعة إلى حد ما خلال العام 2023م إذ حصل الأردن على الموقع 97 عالميا و11 عربيا من بين 12 دولة. وقد كانت نتيجة الأردن بالمؤشرات السبع متذبذبة فقد شهد التعليم العالي تراجعا منذ عام 2017م حين كان المسؤولون في الحكومة يقدمون تقرير المؤشر على أن إحدى السمات الايجابية في مؤشر التعليم العالي أنه متقدم دوليا فقد بلغ الموقع 34 من بين أكثر من 150 دولة، بينما تراجع إلى الموقع 105 في العام 2023 من بين 133 دولة.
وماذا بعد؟
يفاجئنا هذا المؤشر بتراجع موقع الأردن مع أنه كان متقدما في التعليم وكان يرتفع ويتراجع لكن في مواقع تحت المتوسط في القراءات السبع، فما الذي يجعل الأردن تحت خط المعرفة العالمي بكثير من النقاط؟
ففي التعليم ما قبل الجامعي (العام)؛ الذي ارتبط بالتعليم الجامعي بشكل دائري مغلق هناك مخرجات ارتبطت بالأسرة ومدخلات ارتبطت بتراجع التعليم الجامعي، وهذا ما نبه إليه خبراء في ثمانينيات القرن الماضي، حين ذهبت النخب إلى دراسة الطب والهندسة، بينما تراجعت مدخلات التخصصات التربوية ما أدى إلى تراجع مستوى المعلم، وقد حصدنا نتيجة تكاد تكون أشبه بزلزال أدى إلى هبوط حاد في المؤشر التعليمي، فحين يكون المستوى التعليمي في حالة انحدار، تكون مدخلات التعليم الجامعي أيضا في حالة انحدار ما حدا بالدول التي كانت تعتمد على المعلم الأردني أن تبحث عن بدائل محلية وإقليمية.
وأما مؤشر التعليم التقني والتدريب المهني فقد تدخل القرار الرسمي حين تم التراجع عن اتفاقيات عقدت مع ألمانيا، وقد رأينا كيف تراجعت المدخلات التعليمية في المدارس الصناعية حين تحول الطلبة عن دراسة التخصصات الصناعية والمهنية إلى الدراسة الأكاديمية، وتوقفت وزارة التربية عن ابتعاث معلمين مهنيين إلى دول متقدمة في هذا المجال، وأصبح التعليم التقني مهملا، وتراجع الدعم الحكومي عن رفد موازنة مؤسسة التعليم المهني والتقني بينما نجدها في دول مجاورة قد ارتقت كما في مصر والسعودية.
ومع وجود جامعات ومدارس تهتم بتكنولوجيا المعلومات، يبقى التعليم في الجامعات الحكومية، والمدارس الحكومية يراوح مكانه، إذ يتم تغيير غير مستمر في منهاج مادة تكنولوجيا المعلومات، ولا يتوفر معلمين مؤهلين لتطوير هذا المؤشر، ويبقى الحديث عن تراجع مؤشرات البنية التمكينية والبحث والتطوير والابتكار في مقال آخر، ولكن على الحكومة والقطاع الخاص أن يهتما بموقع الأردن المتواضع في مؤشر المعرفة العالمي بينما تسبقنا كثير من الدول التي كان لنا دور كبير في تطوير هذا المقياس لديها.