الدبلوماسية الأردنية ديناميكية الحركة وثبات المواقف السياسية
د محمد العزة
تعتبر الديبلوماسية الأردنية في نهجها و مسار خطواتها ونشاطها على الساحة العربية و الإقليمية و الدولية ولغة الخطاب فيما يصدر عنها في بياناتها نموذجا من النماذج التي تصنف و تعد على أنها مذهبا من مذاهب السياسة المعتبرة والمعتمدة و مدرسة من مدارس السياسة ذات الباع الطويل و صاحبة الخبرة في القدرة على التعامل مع جميع الاحداث أين كانت مستوياتها على سلم درجة الحالة من العادية أو الطبيعية وصولا إلى تصنيفات حالات الطواريء الخطرة ، بالإضافة على قدرتها على تحديد متطلباتها من الأدوات و المفردات المناسبة والملائمة للاشتباك و التعامل معها بما تقتضيه الحاجة و الظرف الموضوعي و القرار الواقعي الذي يأخذ بالحسبان المصلحة العامة و الثوابت الوطنية التي تعبر عن وجدان العقيدة السياسية الأردنية ما بين الإيمان المطلق بهذه الثوابت وطنا وشعبا وقيادة هاشمية وأمة عربية و قضية مركزية قلبها القضية الفلسطينية ، القضية الجوهرية وأحد محاور منظومة الأمن القومي الاردني وعلى الجانب الآخر لطالما كانت المرونة و مكوكية الحركة و ديناميكية الخيار و الانتقال في انشاء العلاقات و التحالفات و احيانا الاصطفافات للصالح العام في سبيل تحقيق العدالة والحقوق و الاعتدال و مناهضة التطرف والغلو عند اي طرف كان أو أي ما يخالف قيم السلام و الإنسان بعض النظر عن اختلاف الاعراق والأديان وخاصة في أوقات الأزمات والعسكرة و أجواء التوتر و الاحتقان السمة الاهم والعلامة الفارقة لنهج هذه الدبلوماسية .
اليوم في ظل العدوان الاسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة و لبنان وهو الحدث الأبرز والأهم والأخطر على المنطقة العربية بل على الإقليم و السلم الدولي .
شكلت الدبلوماسية الأردنية في مواقفها ترجمة للخطوط العريضة لسياسة الدولة الأردنية في التعامل مع ملفاتها الخارجية و رسم حدود و مسارات تعاملها بما يخص العلاقات الخارجية الإقليمية و الدولية ، ولعل أولى الخطوط العريضة فيما يخص هذه المرحلة التي سبقتها زمنيا وشكل عنوانا واضحا لموقف وثابت أردني قوي كان في مارس شهر أذار لعام ٢٠١٩ باللاءات الثلاث للملك عبدالله الثاني بن الحسين ( كلا للتوطين ، كلا للوطن البديل ، القدس خط أحمر ) ، في موقف شكل خط دفاع في وجه صفقة القرن ، لتتوالى الخطوط و المواقف الأردنية الواضحة الصلبة المتوازنة في السابع من أكتوبر وبداية الأزمة الحالية. حيث خطابات جلالة الملك و الملكة و ولي العهد كانت الاقوى عربيا التي لاقت أصداء ترحيبية شعبية و عالمية ، وكانت نموذجا في التصدي و التحدي و الكشف عن حقيقة الممارسات الفاشية الوحشية لكيان الاحتلال و حكومته الدينية اليمينية المتطرفة ، و وضحت حقائق و وقائع الحالة على الأرض والساحة الفلسطينية بل قامت بدور كبير في إعادة التوازن للخطاب الغربي المؤيد و المنحاز للرواية و الدبلجة الإسرائيلية.
بدورها امتازت الخارجية الأردنية بقدرة فائقة بترجمة التوجيهات الملكية للدبلوماسية الأردنية و خطوطها السياسية ، فكانت تصريحات وزير الخارجية أيمن الصفدي تشكل حالة من الاشتباك السياسي الديناميكي الفاعل المتقدم في ضحد و نقد الادعاءات الاسرائيلية خاصة بما يخص الحقوق الفلسطينية المشروعة في مقاومة الاحتلال و أقامة الدولة والاستقلال و حق العيش بسلام و كان التصريح " أن المقاومة فكرة و الفكرة لا تموت " مادام هناك احتلال أحد تجليات العبقرية الديبلوماسية الأردنية كرسالة للجميع بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي و تهديداته للمنطقة والسلم العالمي .
ختاما كما هو دائما الديبلوماسية الأردنية لم تكن يوما خنجرا في خاصرة أمتها و قضيتها بل شكلت درعا سياسيا و رأس حربة مدافعا عن قضاياه و قضايا أمته و قضيتها المركزية الفلسطينية ، لأنه الاردن العظيم الأقرب و الأحق والاقوى سندا لتوأمه الفلسطيني و عمقه الاستراتيجي ، و ستظل على نهجها ليبقى هذا الوطن عزيزا كريما آمنا مطمئنا مستقرا.