ضوء النفق وظله!
بشار جرار
من الفطري والغريزي للإنسان والكائنات الحية الاحتماء بساتر طبيعي أو صناعي لحماية النفس وما تملك من جور الطبيعة أو الإنسان وافتراس الحيوان. لذلك البقاء كان وما زال للأقدر على التكيّف لا للأقوى بالضرورة، وإلا لساد الغابة الديناصور لا الأسد. حتى الأسود والنسور تعرف كيف تفهم الطبيعة والعدو أو الفريسة (الطريدة) ليتم التعامل معها في الوقت المناسب كما ينبغي.
عرفت الأمم والشعوب الأصيلة في العالم ومنه الشرق الأوسط المُغُر مثلا في أعالي الجبال أو في باطن وديانها للتحصن والدفاع عن النفس، ومن ثم استخدام تلك المغر كمنصات انطلاق وإطلاق فعرف التاريخ العسكري ما عرف بحرب المغر ومنها المغاوير. وبعدها عرف العجم من غير الناطقين بالضاد والدارسين للثقافة العربية والإسلامية والشرق أوسطية عموما، عرفوا معاني الفداء والشهادة. وتعني التضحية بالذات من أجل الذود عن الآخر إنسانا وأرضا وقضية.
الإنسان كان وسيبقى، هو أصل الأشياء كلها، فهو خليفة الله في الأرض الذي مكّنه سبحانه من تسخير القوانين لإعمارها لا لإفنائها. هذا الإنسان الذي تكبّر عليه إبليس اللعين فطُرد من رحمة الله وصار شيطانا رجيما له تسميات كثيرة وأتباع لكل حزب وكل حزب بما لديهم فرحون!
في التاريخ -تاريخ المقاومة أو الثورة بوسائل عنيفة- حتى حربي فتنام والجزائر، لم تفكر أي من الفصائل المسلحة إقليميا وعالميا بجعل إحدى تلك المُغُر مساكن للآمنين، فما بالك بخيم اللاجئين والنازحين مرارا منذ 1948 وحتى يومنا هذا؟ بصرف النظر عن صحة أو دقة ما رأيناه من صور وسمعناه من أصوات انفجارات، بأي منطق يفكر من اتخذهم ملاذا أولئك الذين زعموا أنهم يعملون على فدائهم وتحريرهم؟
شتان بين مفهوم «الحاضنة الشعبية» التي يتفاخر بها البعض حقا أو ادعاء وبين استجلاب أو تبرير الضرب من تحت أسرّتهم، إن وجدت. جريمة ما بعدها جريمة -مدانة قولا واحدا- ما تسمى بالأضرار الجانبية المحتملة للغارات والقصف فيما يعرف ب «كُلَتِرِلْ دَمِجْ» لكن إخفاء الصواريخ والعتاد الحربي والذخائر وعقد الاجتماعات العسكرية والسياسية تحت الأنفاق جريمة مركبة أيضا، لأنها ضحت بالجميع، فما أبقت قضية ولا شهودا عليها.
قد يصف البعض -انطلاقا من وازع أو تبعية عقائدية مذهبية سياسية- قد يصف شخصا ما بأن سره مقدس وظله ممدود وشريف، لكن العجب العجاب أن ينتظر بعض المطايا، التصديق والتصفيق من العقلاء الحكماء العارفين بأن الله حق لا يُعرفُ إلا بالحق. قد يتبع البعض الضوء نهاية النفق، قد يكون لذلك الضوء ظل، بقي قائدهم أو غاب أو مات، لكن النور لا ظل له.. النور الإلهي لا ينطفىء أبدا «والله متمّ نوره»، نعم نوره، لا ضوء أي كان داخل النفق أو خارجه!!