الدولة الفلسطينية مصلحة أردنية عليا
د. عبدالحكيم القرالة
كعادته في كل المحافل الدولية والاقليمية، ومن على أهم منبر دولي، خاطب جلالة الملك عبدالله الثاني قادة العالم في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة- في دورتها التاسعة والسبعين -بكل ثقة ووضوح، وحزم وقوة،مؤكداً- كعهده في كل مقام–ان فلسطين هي القضية العادلة التي لا حياد عن ايجاد حل عادل وشامل يعيد الحقوق لاصحابها ويقيم الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة.
خطاب جلالته من على منبر أكبر تجمع أممي تميز بقوة الحجة وعمق الخطاب وجرأة الطرح،ووضع يده على الجرح النازف منذ عقود محذرا من ارتدادات ما يجري في فلسطين حالياً في غزة والضفة على امن المنطقة والعالم، منبها ان على الجميع التحرك على الفور لايقاف هذا الخطر الذي يتهدد الجميع ولا سبيل لذلك الا بسلام عادل وشامل باعتبارها قضية محورية وأساسية لأمن المنطقة وحلها يمثل مفتاح السلام والاستقرار في العالم.
ومن هذا المنبر تحديدا العام الفائت جسد جلالته الدبلوماسية الوقائية والاستباقية عندما حذر من مغبة انفلات الامور من عقالها جراء الانتهاكات والتضييق والاستهداف الاسرائيلي للفلسطينين والمقدسات وانها ستنذر بعواقب وخيمة ومزيدا من العنف وهذا ماحدث بعد عام.
جلالته وضع الجميع بصورة الكارثة الانسانية المرعبة التي يعيشها الفلسطينيون،مشدداً على اننا لا نملك ترف الوقت وعلى جميع الأطراف تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والانسانية،تجاه ما يجري عبر تجسيد العدالة الدولية وعدم الارتهان لمنطق القوة.
لا يختلف اثنان على أن اليمين الاسرائيلي المتطرف له اجنداته القائمة على تصفية وانهاء القضية الفلسطينية وحلها على حساب الغير مرتكزين بذلك على العنف والابادة للتهجير القسري او الطوعي بقالب قسري للاشقاء وهذا ما تنبهت له الاردن ومصر الشقيقة مبكرا معتبرين ذلك خطا احمر لا يمكن تجاوزه.
وفي هذا أوصل جلالته في خطابه أمس -بكل وضوح وحزم -، الرسالة قوية وحاسمة لكل من يتبنى او يغمز او يروج هذه الفكرة الخبيثة والمتطرفة التي تستهدف القضية الفلسطينية و المصالح العليا الاردنية،بأنه مرفوض بالمطلق ولا يمكن بأي حال من الاحوال وتحت أي ظرف ان يتحقق هكذا سيناريو.
وهنا استحضر الرد الملكي الحازم من لدن جلالته الملك عندما اطلق لاءاته الثلاثة المدوية (لا للتوطين ولا للوطن البديل،والقدس خط احمر) رسائل ملكية حازمة وقوية وصل صداها للجميع بان الاردن ومصالحه العليا لن تمس وفق اهواء ورغبات متطرفة من اي طرف.
ان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية يمثل مصلحة عليا للدولة الاردنية وثابت أردني راسخ وواضح لا يقبل القسمة أو التردد أو التأويل.
وفي هذا فأن انجاز حل الدولتين خلال مدة زمنية محددة وبآليات واضحة يعد سبيلا وحيدا لاحلال السلام الشامل والعادل والدائم وفقا لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية،يمثل خيارا استراتيجيا أردنياً.
اداء الدبلوماسية الاردنية بقيادة جلالته كان الاصدق قولا والاكثر فعلا وانجازا في حمل رواية الحق الفلسطيني الى كافة ارجاء المعمورة وتفنيد الرواية الاسرائيلية المكذوبة، ما انتج اختراقات ايجابية في عواصم صنع القرار الدولي واستنهاض الضمير العالمي وتحريك الرأي العام الدولي.
خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني القوي جوهره الارادة والتصميم ورفض الاستسلام بالاستشهاد بمواقف الملك الحسين رحمه الله الذي قاتل من اجل السلام لاخر رمق وهذا عهد ونهج جلالته برفض الاستكانة او الاحباط او الاستسلام الى ان يعم السلام،مجسدا النموذج الاردني المتميز بالوسطية والاعتدال وتحقيق السلام.
سيبقى الاردن بقيادة جلالة الملك المدافع القوي عن الحق الفلسطيني بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وامكانات، وصولا لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة التي تلبي طموحات وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة،وبما يحمي المصالح الوطنية العليا.....والله والاردن وفلسطين من وراء القصد....