الملك جرَّد "إسرائيل" علنًا .. "مجرمة حرب ووحشية".. التاريخ يكتب والعالم يُراقب

خاص | المحلل السياسي 

بحضور قادة العالم وعلى مقربة من بقايا الإنسانية، صب الملك عبد الله الثاني جام غضبه في كلمته خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدبلوماسية محبوكة؛ إذ من المعتاد أن يتحدث جلالته بصراحة ودون تكلف في المحافل حتى أنه يجعل العالم فعلا كأنه قرية صغيرة والكل مجتمعون على طاولة واحدة، لكن هذه المرة كانت الإشارات مختلفة وتقرع جرس الإنذار بأن القادم لن يشبه ما سبق في النتائج والقرارات وحتى الاشتباكات ذات الخلفية الجيوسياسية.

الملك تحدث عن الأردن بأكثر من جانب لعل أهمها قطع دابر أي شكوك أو اعتقادات بأنه قد يكون الوطن البديل في يوم ما؛ معتبرًا وبكل صراحة أن تهجير الفلسطينيين من وطنهم هو جريمة حرب، أيضًا الإشارة دون انقطاع إلى أن الأردن باقِ على موقفه بشأن القضية الفلسطينية والحرب الدائرة في قطاع غزة؛ وكذلك الانتهاكات في الضفة الغربية وبحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهذه كله ليست أمورًا مستهجنة أو جديدة بل لكي يفيد التكرار بعض من يظنون أن الأردن قد يفرض عليه إملاءات أو ضغوطات أو لمن يحاولون المساس بسيادته.

في السياسية يُفسر حديث جلالة الملك على أنه الأكثر جرأة ووضوحًا أمام قادة العالم ، إذ لم يترك سؤالا يدور في ذهن أي عربي حر إلا وأجاب عليه ، وكانت لغة التوبيخ الدبلوماسي حاضرة، إذ تحدث جلالته عن مساعدات الأمم المتحدة التي تقف عاجزة عن الوصول لأهل غزة وهم يتضورون جوعًا ومرضًا وحسرة ، وأعلام الأونروا وهي ترفرف في سماء يغطيها دخان السلاح الممزوج بدماء الأبرياء؛ لأن قادة إسرائيل لا يريدون السلام ولا حتى الاستسلام.

قلة من قادة العرب من تحدثوا عن جرائم وخبث الحكومة الإسرائيلية، والملك عبدالله الثاني "غسل شراعهم" قولا وفعلا ومباشرة من منبر الأمم المتحدة؛ فقال إن إسرائيل لا تريد السلام ولم تفكر حتى فيه ؛لأنها ترى أن العمليات العسكرية هي الحل دائمًا، الملك هنا أعلن وبكل تجرد وشاء من شاء وأبى من أبى؛ أن إسرائيل قتلت وانتهكت ورفضت السلام واتهمت من قلب محكمة العدل بارتكاب الإبادة الجماعية وما زالت مستمرة دون توقف.

ما يحدث ليس في مصلحة أي دولة؛ هنا لخص الملك المشهد بجملة واحدة أقحم فيها الأوضاع الراهنة حاليًا في لبنان ؛ لأنه يعرف تمامًا أن تفجر الأوضاع في المنطقة التي لا زالت تعاني حتى ما قبل أحداث 7 أكتوبر سيكون كقنبلة نووية ستشعل حرائق مميتة، ولن يسلم منها أي أحد، وفي ذلك وقوف عند مطب يُفهم بلغة القادة أن هناك دولا منها الأردن لن تكون قادرة بعد على تحمل أعباء اللجوء والنتائج الاقتصادية التي تنعكس عليها فورًا .

المريح جدًا في خطاب الملك الذي ليس غريبًا أن يكون بهذه القوة والديناميكية والاهتمام العالمي ؛ هو تجريد إسرائيل من صورتها المزيفة التي تحاول تصديرها للعالم على أنها زهرة الديمقراطية في الشرق الأوسط؛ هنا قال الملك بمكاشفة على مرأى ومسمع العالم إن الجميع يعرف الآن حقيقة هذا الكيان الوحشي بجرائمه على قطاع غزة، القناع فعلا سقط لا بل تمزق، التاريخ سيكتب والعالم يراقبنا والحرب يجب أن تنتهي ، هكذا اختصرها الملك عبدالله الثاني كما فعل والده الراحل الحسين قبل سنوات مضت من على ذات المنبر.