حسان سيدخل بمواجهة "حادة لا كلاسيكية".. إرضاء "التركيبة الأردنية" غاية لا تُدرك

فرح سمحان 

سياسة رئيس الوزراء جعفر حسان بدأت تتكشف في محاولة منه لفهم "تركيبة الدولة" السهلة الممتنعة، والتقرب لخلق حالة من التودد مع الشارع وبمسافة أقرب إلى النواب والأحزاب على اعتبار أنهما الأكثر خلقا للجدل في ساحة شبه فارغة بدأت تتكون وتبرز معالمها مع التشكيلة الوزارية التي لم تكن مرضية أو أن صح التعبير ضمن إمكانات المرحلة بالنسبة لتيارات وأحزاب معينة ، وحتى عند بعض الشخصيات التي حاولت الدخول في نطاق التوزير وأعطت للدولة الكثير من الدف على الطبول، لكن تم إرضاؤها بمواقع بسيطة على الأقل حاليًا. 

حسان وبعد تشكيلة الوزراء التي وصفت على أنها أقرب إلى "تعديل" مستمزج من مطابخ ومرجعيات سياسية مختلفة وأخرى تحت بند "الترضية" المعروف في اختيار الوزراء، حاول وبعد استشارة من شخصيات تفهم عقلية الشارع والتراكيب الأردنية بتخصيص يوم لتهنئتهم كفرصة للوقوف على المشهد من كثب، ثم لقاءات مع أحزاب لها ثقل اجتماعي وحققت مكاسب شعبية في الانتخابات الأخيرة، واتصالات مكثفة ومتتالية مع النواب الذي سيدخلون لاحقًا مع الحكومة في صراع لا مفر منه ، وإلا لن يكون المجلس كما ينبغي إذا غابت المناكفات التي ستكون مختلفة مع وجود 138 نائبًا جمعهم اختيار الناخبين، لكن لا ضير من الاعتراف بأن الهجوم من الموالاة والمعارضة المعتدلة لن يكون بهذا الحجم من الود والألفة التي يتوقعها الرئيس حسان وحكومته. 


اللافت أنه مهما كان هناك محاولات لجعل النواب في صف الحكومة ، فإن الأمر بطبيعته مرهون بشروط ، إذ يرى نواب سابقون أنه ما كان ممكنا السير بعكس التيار مع السلطة التنفيذية في المجلس لأن ذلك سيؤثر على مصالحهم، ما يعني أن الرئيس سيدخل في مواجهة منح العطاءات لكسب الراحة، أما عن وجود 31 نائبًا محسوبين على حزب جبهة العمل الإسلامي، فالمؤشرات تقول إن الحدية بينهم وبين الحكومة لن تكون بالشكل الذي يعتقده البعض، وبالتالي سياسة المناكفة والضرب على الأوتار ستدخل الحكومة في فجوة التبريرات ومحاولة "الترقيع" وراء حكومات سابقة، الأمر الذي يجعل المهمة صعبة أمام رئيس خلفيته اقتصادية وإدارية كلاسيكية وأقرب إلى البرجوازية.

والواضح أكثر أن الرئيس حسان يميل إلى المناسبات وعقد الخلوات مع المعنيين من كل الأطراف حتى لا يتهم أنه بعيد عما يريده الشارع الأردني، ولأنه كان مطلعا على تجربة الرئيس السابق بشر الخصاونة فلا يريد تكرارها من حيث الدخول في متاهة الأخذ والرد ومحاولات التبرير التي لا تنتهي ، وعلى الرغم من أن الخصاونة بقي ثابتًا حتى صنف كأطول رئيس حكومة عمرا في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، لكن هذا لا يمكن للرئيس حسان الاعتماد عليه كمصدر راحة، على اعتبار أن مرحلته مختلفة وفيها شخصيات لا ترحم ومشاهدات صعبة على المدى البعيد.