«حرب المفخخات» عمل يريس مفهوم شريعة الغاب

علي ابو حبلة

في عالم الغاب لا يوجد قانون سوى قانون القوة! وتحت هذا القانون تموت كائنات، وتتسيَّد كائنات! ويظل القوي محورَ الحياة في الغابة! ظهرت القوانين الأرضية التي عكف عليها البشر ، مثل قانون حمورابي (1790)، الذي حاول تأمين حقوق ضد السرقة واتلاف الممتلكات وحقوق المرأة والطفل والعبيد وجزاءات القتل. وبعده جاءت قوانين ( أورإمكينا (1878) ، وقانون (أرنمو) و(عشتار) في العهد البابلي القديم.

وبمجيء العام 1945 كان قد برزت في العالم أصواتٌ تنادي بحفظ السلم والأمن الدوليين، وذلك عبر عصبة الأمم التي برزت بعد الحرب العالمية عام 1934 وكان مقرها في جنيف، وانتهت عصبة الأمم في أبريل 1946 ثم تأسست بعدها الأممُ المتحدة في أكتوبر 1945 في سان فرانسسيكو، وتم نقل المقر إلى مدينة نيويورك في عام 1951. وهدفت إلى حفظ السلم والأمن الدوليين لكن إسرائيل اليوم تعبث بالأمن والسلم الدولي وتعرض أمن وسلامة دول وشعوب المنطقة بالخطر وهي بهذا ترسي دعائم ومفهوم شريعة الغاب بحماية ودعم دول بعينها.

الحرب على غزه باستباحة الدم والقتل والتدمير لكل مقومات الحياة ، والعدوان الإسرائيلي على لبنان الذي اشتمل على تفخيخ وتفجير أجهزة «البيجر» في لبنان وقصف مناطق الاكتظاظ السكاني بالصواريخ يثير انتهاكات كبيرة للقانون الدولي دون مسائله ومحاسبة مما يثير الكثير من التساؤلات ومن بينها أن العالم أصبح يعيش شريعة الغاب؟.

المنطقة اليوم بمنطق وفكر اليمين الأصولي اليهودي المتطرف يعيش لعبة قانون الغاب !؟ حيث التدخل بشؤون الدول هو دافع « إسرائيل « لتغيير الشرق الأوسط وفق ما ترغب فيه إسرائيل.
لا شكّ أنّ هذا العدوان الإسرائيلي الذي اشتمل على تفخيخ وتفجير أجهزة «البيجر» واللاسلكي في لبنان يثير انتهاكات كبيرة للقانون الدولي، حيث يعدّ هذا الهجوم عدواناً على الدولة اللبنانية وخرقاً لسيادتها، والذي يحقّ للدولة اللبنانية بموجبه التقدّم بشكوى ضدّ «إسرائيل» أو القيام بما تراه مناسباً للدفاع عن النفس والذي يمكن أن يتضمّن الردّ بالمثل أو بوسائل عسكرية أخرى.

كذلك، تخطّت «إسرائيل» في هذا العدوان كلّ القواعد المحرّمة في الحروب الأمنية، وارتكبت انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، ومنها انتهاك مبدأ حماية المدنيين ويفرض القانون الإنساني الدولي حماية المدنيين أثناء النزاعات. ويُحظر استهداف المدنيين أو التسبّب في ضرر غير متناسب.

لقد أتى مبدأ «حظر قتل المدنيين» واضحاً في القانون الدولي، الذي يعتبر أنّ أيّ هجوم متعمّد على المدنيين، بما في ذلك استخدام أساليب غير تقليدية مثل انف جارات أجهزة «البيجر» أمر محظور ويُعدّ جريمة حرب. ويمكن تصنيف الاستهداف المتعمّد للمقاتلين الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية على أنه جريمة حرب أيضاً.

أما إذا كان قتل المدنيين والتسبّب بأضرار لهم وعدم التمييز بينهم وبين المقاتلين، قد حصل على نطاق منهجي واسع، فيمكن أن يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية وهو ما حصل في لبنان حيث استهدفت شرائح مدنية متعددة.

وبما أنّ القانون الدولي ينصّ على تحميل الدول المسؤولية عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي ترتكبها قواتها المسلحة أو غيرها من الوكلاء، ويؤكد أن المسؤولية الجنائية فردية، فإن المسئولين الإسرائيليين الذين اتخذوا القرار ونفّذوا هذا العدوان يُعدّون مسئولين جنائياً عن هذا الفعل ويتحملون كامل المسؤولية عن فعلهم؟؟.

وعليه، يمكن محاكمة المسئولين الإسرائيليين بموجب القانون الدولي، بما في ذلك من قبل المحكمة الجنائية الدولية في حال قرّر لبنان أن يعطي المحكمة هذه الصلاحية، ويشتكي ضدّ المسئولين الإسرائيليين بقتل الصحافيين اللبنانيين عمداً في وقت سابق، وفي الاعتداء الذي قامت به عبر تفجير أجهزة «البيجر» والتسبّب بقتل وأذى للمدنيين اللبنانيين مؤخراً.

إذا لم تشرع الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات الرادعة بحق إسرائيل ولجم عدوانيتها والتوقف عن حروبها وخرقها الفاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية فان المجتمع الدولي يتحمل كامل المسؤولية عن ما ستؤول إليه أوضاع العالم أجمعه من انتشار للفوضى وتسيد شريعة الغاب تحت مبرر حق الدفاع عن النفس عندها سيصعب السيطرة على وقف ومحاربة العنف والتطرف ويصبح العالم يعيش شريعة الغاب والفوضى وانعدام الأمن والأمان لان الغلبة تصبح للقوة ولم يعد هناك مكان للعدالة الدولية وحفظ أمن واستقرار شعوب دول العالم ومحصلتها خضوع الضعيف لسلطة القوي ضمن مفهوم عالم الغاب « لا يوجد قانون سوى القوة».