القرعان تكتب : جلالة الملك في مدينة الألف عمود "جرش"
بقلم - د. دانييلا القرعان
محافظة جرش، حيث مدينة الألف عمود وعمق الحضارة وأصالة التراث وجمال الطبيعة، تزخر جرش بالمشاريع الزراعية والإنتاجية ويشتهر أهلها بإتقانهم للحرف اليدوية والمنتوجات الزراعية والغذائية المميزة، وللمحافظة رمزية ثقافية عميقة بمهرجان جرش العريق الذي وضعها بقوة على خريطة المنطقة والعالم.
يبدأ جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم زيارة إلى محافظة جرش اليوم الثلاثاء، ضمن جولاته على محافظات ومناطق المملكة؛ بمناسبة اليوبيل الفضي لجلوس جلالته على العرش، وستكون هذه أول زيارة ونشاط رسمي لجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم عقب الاستحقاقات الدستورية والوطنية بقبوله استقالة رئيس الوزراء السابق بشر الخصاونة وفريقه الوزاري، وتكليف مدير مكتب جلالته السابق الدكتور جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة، وانتخاب مجلس النواب الـ20.
جلالة الملك بدأ جولاته لمحافظات الوطن، وقد استمع لأبناء المحافظات وألتقى بعدد منهم، وهذا يؤكد على حرص جلالته على الاقتراب من أبناء شعبه من هذا الوطن من شماله لجنوبه وشرقه لغربه، وها هو اليوم سيعم نور جلالته في أرجاء محافظة جرش الأبية ويتلقي مع ابنائها ويجوب موكبه الملكي شوارع محافظة جرش.
عند ذكر مدينة جرش، يتبادر إلى الأذهان سريعًا تلك المدينة الأثرية العريقة التي تعود إلى عهد اليونان والرومان، بما تزخر به من معالم تاريخية ساحرة. إلا أن هناك جرش أخرى حديثة، شهدت نهضة تنموية كبيرة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني. عمل جلالته على تطوير مدينة جرش، واضعًا نصب عينيه محاربة البطالة وتمكين الشباب من خلال سلسلة من المشاريع التنموية.
من بين هذه المشاريع البارزة يأتي معهد التدريب المهني الذي يهدف إلى تأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات المهنية اللازمة لدخول سوق العمل بفعالية، ولم يتوقف العطاء عند هذا الحد.
ففي إطار حرصه على تطوير القطاع الصحي، أمر جلالة الملك بإنشاء مركز صحي جرش الشامل على نفقته الخاصة، إلى جانب تأسيس مراكز صحية أخرى في مناطق مختلفة مثل مرصع، المصطبة، بليلا، ومراكز فرعية في ثغرة عصفور، مما عزز من مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. كما شهد مستشفى جرش الحكومي توسعة كبيرة شملت عدة أقسام حيوية، منها مبنى الإدارة، التغذية، المشرحة، العلاج الطبيعي، العيادات الخارجية، مما أسهم في رفع مستوى الرعاية الصحية وتلبية احتياجات الأهالي بشكل أكثر كفاءة.
جرش اليوم ليست فقط مدينة أثرية تضرب بجذورها في التاريخ، بل هي أيضًا نموذج حي للتنمية والتطور في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي يواصل دعم مشروعات البنية التحتية والخدمات لتحسين حياة مواطنيها. حين يكون الحديث عن مدينة جرش، فهو عن الفن والإبداع والجمال، فهي المدينة التي تستفيق كل صباح على خيوط الشمس الذهبية التي تعانق ذلك الإرث الحضاري الضارب في عمق التاريخ الذي يعيد المتأمل فيها إلى آلاف السنين ليقرأ فيها سفرًا عظيمًا من الحضارات الإنسانية، لذا أصبحت من أفضل الوجهات السياحية عالميًا، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى كلمة «جراشا» والتي تعني المكان الكثيف الأشجار، ويقال إنّ الإغريق أطلقوا عليها اسم «جراشا»، وتتكون في مجموعها من شوارع معبدة ومعمدة، ومعابد مرتفعة، ومدرجات ومسارح، وميادين وقصور، وحمامات، ونوافير وأبراج وبوابات.
وتشتهر بآثارها المتنوعة التي تذهل عقل كل من شاهدها، ومن أشهرها بوابة هدريان «قوس النصر»، والتي أقيمت عام 130م، احتفاءً بزيارة الإمبراطور الروماني هدريان إلى المدينة.
منذ عام 1983 وجرش مدينة الحضارات وخزائن الأسرار، تستضيف كل عام «مهرجان جرش للثقافة والفنون» والذي كان أكرم مصاروة أول مدير له، وهو مهرجان ثقافي عام تمتزج به الثقافة بالتاريخ، ويمتاز بالعروض الفلكلورية الراقصة التي تؤديها فرق محلية وعالمية، ورقصات الباليه والأمسيات الموسيقية والشعرية والعروض المسرحية والأوبرا، كما يقام على هامشه معرض ضخم للمصنوعات والمشغولات اليدوية والحرفية التقليدية، وقد أسست دائرة الآثار بها عام 1928 متحفًا في قبو معبد آرتميس يضم مكتشفات أثرية.