إلى دولة رئيس الوزراء المكلف

يحيى الحموري

إلى دولة رئيس الوزراء المكلف السيد جعفر حسان الأكرم،،،

تحية طيبةوبعد ،،

  في لحظة فارقة من عمر الوطن، وبين أنين الأجيال وصدى التاريخ، تقفون اليوم على أعتاب مسؤولية لا تحتمل إلا عقول الحكماء وقلوب الشرفاء. إن الأرض هي إرث الأجداد ودماء الشهداء وتضحيات الشعب. إنها أمانة في أعناقكم، لا ينفع معها التساهل أو الاستجابة لإغراءات المنافقين وأصحاب المصالح الدنيئة.

دولة الرئيس،  إن الأمة لا ترتفع إلا بصدق رجالها، ولا تنحني إلا إذا سمحت لنفسها أن تكون تحت رحمة المنافقين. فحذاري من أولئك الذين يزينون لكم السوء بلباس النصيحة، وينفثون سمومهم باسم الوطنية. إنهم أعداء الداخل، الذين يتسللون في الظلام ويحملون في أيديهم معاول الهدم والتخريب. لا تلتفت إليهم، فهم كالأشباح التي تتلاشى حين تصطدم بحائط الحقيقة.

دولة الرئيس، الأردن لا يحتمل المتلونين الذين يميلون مع الرياح حيثما تهب، ولا أولئك الذين يضعون مصالحهم فوق مصلحة الوطن. إنهم كالغرباء في وطنهم، لا يرون في الأرض إلا ما يكسبونه منها، ولا في الشعب إلا سلماً لطموحاتهم الشخصية. أما نحن، أبناء هذا الوطن، نؤمن بأن الكرامة لا تُشترى، وأن الشرف لا يُباع، وأن الأوطان تُبنى بسواعد الصادقين الذين يجعلون من خدمة الشعب شرفاً وليس مكسباً.

دولة الرئيس، احذر أن تَجمع حولك من يرون في المناصب مكسباً وفي الوطن غنيمة. إن التاريخ لا يرحم، والأيام لا تغفر لمن يخون الأمانة. إنّ الأردن اليوم بحاجة إلى رجالٍ يكونون كالصخور التي تتحطم عليها كل المؤامرات والدسائس. فالمنصب ليس مقاماً للترف أو مظلة للفساد، بل هو موقدٌ يُصهر فيه معدن الرجال .

أوصيكم أن تكونوا سيفاً من نار على رقاب الفاسدين، أن تعلنوا الحرب على الفساد لا رحمة فيها ولا هوادة. ولتكن رسالتكم واضحة لا تحتمل التأويل: لا مكان بيننا لمن خانوا الوطن أو استغلوا مناصبهم لمصالحهم الخاصة . ليعلم الجميع أنكم جئتم لتبثوا روح الأمل وتعيدوا للوطن كرامته، لا لتكونوا شاهداً على تكرار المآسي.

أنتم اليوم أمام اختبارٍ تاريخي، إما أن ترتقوا بالأردن إلى قمم العزة والكرامة، أو أن تتركوا لهواة المزايدات أن يغرقوه في مستنقعات الفساد والخيبة.  فاصطفوا حولكم النبلاء، أصحاب المبادئ، أولئك الذين ينطقون بالحكمة ويعملون بالصدق. قَرِّبُوا منكم من يضع الوطن أولاً وآخراً، من يحمل على كاهله هموم الناس لا أطماعهم.

دولة الرئيس، إن التاريخ يكتب اليوم بأيدٍ شريفة أو يمحى بأقدام الفاسدين. الخيار لكم، فإما أن تكونوا من بناة المجد، أو تتركوا للأجيال ذكرى من وهن.

حفظكم الله، وسدد خطاكم، ووفقكم لما فيه خير الوطن والشعب.


*مستشار رئيس مجلس النواب للشؤون البرلمانية العربية والدولية