بالأمس.. دخل الأمل غزة قادما من الأردن

نيفين عبدالهادي

بدأت الفكرة بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني لصناعة الأمل في حياة من فقدوا جزءا من جسدهم وربما أكثر من ذلك بكثير، لتنطلق مبادرة «استعادة الأمل» لدعم مبتوري الأطراف في قطاع غزة، فكانت حقا نقطة ضوء في سواد كبير يعمّ حياة الأهل في غزة، نقطة ضوء أنارت حياة من فقد الأمل ليستعيده بهذه المبادرة ففي عودة اطرافه التي ذهبت في الحرب الإسرائيلية على القطاع هو الأمل بعينه.

بالأمس، عبرت من خلال جسر الشيخ حسين، قافلة العيادات المتنقلة ضمن مبادرة «استعادة الأمل» التي أطلقتها القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، من خلال الخدمات الطبية الملكية لدعم مبتوري الأطراف في قطاع غزة، المبادرة التي جاءت بتوجيهات ملكية سامية، التوجيهات التي لم تقف يوما عند حدّ القول إنما سعى جلالة الملك أن يقدّم العون والسند للأهل في غزة عملا، وبإجراءات عملية، تقوّي من عزيمتهم وتعينهم من تبعات الحرب التي شارفت على عامها الأول، دون أي رحمة أو مراعاة للإنسانية بجرائم يومية ومجازر لم تتوقف.

بالأمس، دخل الأمل لعشرات الآلاف من الغزيين، دخل لهم من الأردن بتوجيه من جلالة الملك ورؤى إنسانية عظيمة، اعتبرها الغزيون أكثر ما لامس حاجاتهم، وسند وجعهم ودعم صمودهم، ففي دخول العيادات المتنقلة حالة من العطاء التي يصعب وصفها، بكلمات عادية، ربما تحتاج لغة خاصة لتنقل فرح الأهل في غزة وهم يستعيدون الأمل بمبادرة أردنية قدمت لهم أمس، تحمل ما يعيد الأمل لمن فقده بفقدان أحد أطرافه، أو أكثر من طرف.

مبادرة «استعادة الأمل» عبارة عن عيادات متنقلة، تهدف إلى مساعدة أكثر من 14 ألف مصاب، من بينهم أطفال تعرضوا لبتر الأطراف خلال العدوان الإسرائيلي، من خلال تركيب الأطراف الاصطناعية لهم لمساعدتهم في مواصلة حياتهم واندماجهم وتأهيلهم، وحتى ليكونوا قادرين على مساعدة غيرهم أيضا، بالأمس، تم ارسال عيادتين متنقلتين مجهزتين بجميع المعدات اللازمة لتركيب الأطراف الاصطناعية الجديدة، وسيتم إلحاقهما وطاقم طبي وكوادر فنية مختصة بالمستشفيات الميدانية العسكرية الأردنية في غزة لتركيب أكبر عدد ممكن من الأطراف الاصطناعية لمحتاجيها في غزة، وبطبيعة الحال سبق إرسالهما تأهيل وإعداد الكوادر المؤهلة لتلك العيادات، ليبدأوا عملهم الإنساني والطبي بأيادي نشامى الجيش العربي، داعمين ومعالجين ومساندين، أردنيين ينتظرهم الغزيون فما قدموا لهم يوما إلاّ والعون والمساعدة تتجلى بأعظم صورها وأكثرها عملية.

العيادتان سيتم الحاقهما بالمستشفى الميداني الأردني في خان يونس، وفي مرحلة لاحقة سيتم نقلها إلى شمال غزة للمستشفى الميداني الأردني غزة 79، فيما ستكون المرحلة الأخيرة مواصلة عمل تلك العيادات بالتنسيق مع الشركاء المحليين في قطاع غزة، وكما كتبنا سابقا ما يميز المبادرة السرعة في تركيب الأطراف الاصطناعية الحديثة بمدة لا تزيد على ساعة واحدة على خلاف الأطراف الاصطناعية الأخرى، يصبح بعدها المصاب شخصا طبيعيا تعود حركته عادية، بشكل ينسجم وظروف الأهل في غزة الصعبة، بتوجيهات ملكية أن يتم إيجاد أطراف اصطناعية تتناسب وظروف الأهل في غزة، فكان أن تم ذلك بجهود القوات المسلحة- الجيش العربي امتثالا للتوجيهات الملكية.

مبادرة بحجم الحاجة لأهل غزة، لحياة طبيعية، سيما وأن الحرب التي تشنها إسرائيل منذ قرابة العام لم تراع طفلا ولا سيدة ولا مدنيا، ذهبت بإجرامها حتى أفقدت الأهل في غزة طعم الأمل، وحتى جوهر معناه، والأردن بقيادة جلالة الملك لم يتركهم يوما دون تقديم العون والمساعدة بعون حقيقي ودعم يعيشه الأهل في غزة بعملية وواقعية، وينعكس عليهم بما يغير من حياتهم نحو الأفضل، أو جزء من الأفضل، فالاحتلال غيّر من مفاهيم حياتهم بشكل كامل وما عاد الأفضل يعينهم، فهم يبحثون عن جزء يسير منه.