التكليف السامي للأردنيين كافة
بشار جرار
يحب الناس -خاصة المشتغلين بنقل الأخبار وتحليلها- يحبون إطلاق الأسماء على الحكومات حتى قبل قراءة كتاب التكليف السامي لرئيسها أو تشكيل فريقها الوزاري. البعض يتسرع مصدرا الأحكام لا مجرد الأوصاف على الحكومة، من خلال انطباعات نمطية وأحكام مسبقة يتم ربطها إما مع تجارب سابقة أو مستجدات داخلية كنتائج انتخابات، أو خارجية كتداعيات حرب السابع من اكتوبر.
لكن الأمانة تقتضي إرسال النظر ومدّه في عين، والتمعّن في عين أخرى دون ازورار. اختيار الأسماء التي تحظى بشرف أن تكون «حكومة صاحب الجلالة» ليس وليد لحظة، إنما هو عملية مؤسسية منهجية تراكمية فيها التقدير الشخصي من لدن سيدنا الملك عبدالله الثاني، وكل من وما يأتمر بقيادته من مؤسسات راسخة وازنة تدرس الحاضر بشكل ثاقب، وتُعِدُّ دائما لغدٍ لا يقاس بالسنوات بل بالعقود. القارئ الدارس لحصاد مئويةٍ وربع قرن من جهود القيادة الهاشمية والأردنيين جيلا بعد جيل، يفهم ويعي أن الصمود والنجاح ما كان أبدا صدفة بل نتاج جهد وجهاد، عطاء وفداء.
أخطّ هذه السطور بعد جولة خاطفة وأخريات متأنيات على ردود الأفعال. الحدث الأردني الوطني لا يعني المملكة فقط، بل الجوار الإقليمي وعواصم عدة من بينها واشنطن التي درس وخدم فيها دولة رئيس الوزراء المكلف الدكتور جعفر حسان هنا في واشنطن، في سفارة المملكة الأردنية الهاشمية. السيرة الذاتية العلمية والمهنية زاخرة والقرب من سيدنا والخدمة في كنفه وتحت ناظريه كمدير لمكتب جلالته مرتين، بحدّ ذاته رسالة مفادها الحرص على الإنجاز بالكيفية والنوعية والإيقاع المعروف عن سيدنا كعسكري قبل أن يكون سياسيا وقائد وطن ومليكا للعرش الهاشمي المفدى.
المهام كبيرة والتوقيت في غاية الأهمية. والمسألة ليست مفاضلة بين أولويات الأمن أو الاقتصاد أو السياسة كما يحلو للبعض التوصيف للحكومات. الأولوية واحدة ما تغيرت ولا تبدلت، شعارها الأردن أولا وآخرا، أيا كانت ميادين الخدمة وبأي صفة أو موقع كان من تشرف في تحمل مسؤولية الأمانة، وفقا لشفافية معلنة مسبقا حول آليات قياس العمل والنجاح وأخلاقيات التعامل المهني الشجاع بالأداء الذي يلمس نتائجه الناس لا بالصوت العالي ولا بزحمة التصريحات. تعامل شفاف يعزز وأحيانا يستعيد الثقة المنشودة بين السلطات كافة، وأقانيم الدولة كلها. الكل خادم الكل، و»خادم القوم سيدهم».. ما زال شعار الأردن مقولة الراحل العظيم سيدنا الحسين طيب الله ثراه وكتب الله مقامه في عليين يوم قال في سبعينيات القرن الماضي: فلنبن هذا البلد ولنخدم هذه الأمة.
كان الله في عون الرئيس الجديد وفريقه. هذه حكومة جلالة الملك، والتكليف -وإن كان موجها دستوريا للدكتور جعفر- إلا أنه يعنينا بالاسم كأردنيين بدون تكلفة ولا تكلّف، بلا ألقاب سابقة ولاحقة، يعنينا كفريق وطني في أي موقع كان وظيفيا أو جغرافيا، بأن الجهد الوطني في الأصل فرديّ قبل أن يكون مؤسسيا. لذلك يكون الواجب -كما في الجانب الروحي- فرض عين وفرض كفاية. من لا يقدر على تقديم شيء للأرد ن من داخل الوطن أو خارجه، فلا أقل من ألا يكون عبئا، بل سندا وعونا لمن تم تشريفهم وتكليفهم بأداء الواجب نيابة عنا، كل في مجال اختصاصه.
الدعم والإسناد والمؤازرة لا تكون بالخدمة في القطاع العام أو الخاص بالضرورة، قد تكون خدمة عامة أو مبادرة خاصة تسهم في رفد الجهد الوطني العام. اللهم حكمة وقوة..