مجلس العبدلي تحت رادار الرقابة وهو يحمل التعددية و الوان الطيف السياسي
د. محمد أبو بكر
انتهى الموسم الإنتخابي العشرين ، وبان ماتحت المرج ، والمفاجآت على مختلف الأصعدة كانت سيدة الموقف ، ويمكن القول بانّ ماجرى هو اختيار الأردنيين فحسب ، سواء كان هذا الإختيار لجهة الحركة الإسلامية وبعدد وازن من النواب ، أو من خلال الأحزاب الأخرى التي تنافست في ميدان ، تخوض فيه الصراع لأول مرّة .
ومن الجميل أن يشهد المجلس النيابي القادم ظهور العشرات من النواب الجدد ، وخاصة جيل الشباب الذي عليه أن يثبت علوّ كعبه في مرحلة سياسية قد تكون الأهم في تاريخ الأردنيين ، والبرلمان اليوم يزخر بأكثر من مائة نائب حزبي ، وهي مفاجأة لم نكن نتوقعها .
لونان سياسيان في المجلس ، الإخوان وأحزاب الوسط ، دون النظر للمستقلين ، حيث من المتوقع أن نشهد زحفا من بعض هؤلاء المستقلين نحو أحزاب بعينها ، وعلى الحزبيين في البرلمان التمتع بالذكاء لاستقطاب آخرين من الزملاء ، فهذه فرصة سانحة جدا لزيادة العدد .
قائمة حزبية لا يستهان بها للإخوان ، فأكثر من ربع المجلس بات في قبضتهم ، والحراك السياسي المقبل تحت القبة سيكون مختلفا تماما عمّا سبق ، ومن خلال التدقيق في بعض شخوص الجماعة ، ويرى خبراء اقتصاديون أن الاقتصاد الوطني بحاجة ملحة لإعادة النظر في العديد من التشريعات والقوانين المتعلقة بمختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى صياغة تشريعات جديدة تمكن بيئة الأعمال وتحفز الاستثمار وتدعم النشاط الاقتصادي.
وأوضح هؤلاء، أن هناك مجموعة من التشريعات الملحة التي تستدعي من مجلس النواب النظر إليها بشكل شمولي والدفع بها إلى ساحة النقاش في أقرب وقت ممكن، ومنها قوانين طرحتها الحكومة مؤخرا، كقانون العمل، قانون الضمان الاجتماعي، إضافة إلى قانون الطاقة المتجددة.
في حين يشهد المجلس وجود نواب ينتمون لأحزاب وسطية ، وربما نشهد تحركات من عقلاء هذه الأحزاب تهدف لتشكيل تحالف قد يضم أكثر من خمسين نائبا ، غير أن هذا التحالف لو وجد طريقه تحت القبة فإنّه لن يكون بصلابة وقوة كتلة العمل الإسلامي ، حيث التنظيم الذي يحظى بإشادة كبيرة ، سواء خلال الحملة الإنتخابية الأخيرة ، أو من خلال المسيرة الممتدة عبر عقود .
الجميع في انتظار كيف سيكون عليه حال القائمة الحزبية الإسلامية في البرلمان وتعاملها مع الحكومة القادمة ، أو حتى التعاطي من النواب الآخرين ، الذين يقفون على الضفة الأخرى في المواجهة ، ولا أعتقد بأنّ نواب تكتل الوسط بقادرين على التعاطي السياسي الأمثل مع رموز إخوانية لها الخبرة الطويلة في العمل السياسي والبرلماني ، وحتى التعاطي مع الشارع الذي يرقب الجلسات القادمة للمجلس بصورة قد تعيد نوعا من الثقة مع المواطنين .
وفي اتجاه آخر ، بات واضحا تلك الخسارة الكبيرة التي منيت بها قوائم اليسار والقوميين ، وقد كان ذلك متوقعا ، فالقائمون على هذا التوجه كانوا بعيدين جدا عن قراءة الواقع ، وهذه القراءة لم تتغير منذ عقود ، لم يدركوا أبدا حاجيات المواطنين ، وما كان يصلح لمرحلة الستينيات والسبعينيات في القرن الماضي لا يصلح أبدا لزماننا هذا .
لن نتحدث كثيرا عن نكسة اليسار والقومي ، بل هي دعوة للمراجعة الشاملة ونقد الذات ، فهذا التوجّه بحاجة لحالة من التجديد الكامل وعلى مختلف الأصعدة ، وإلّا سيجد هذا اليسار نفسه في حالة من الأفول إن لم يسارع للتصويب ، ويدرك بأننا نعيش في العام 2024 ، ولا نعيش في زمن الحزب الشيوعي السوفييتي أو حركة القوميين العرب .