تمخّضَ «الجبلُ الأميركي».. فـَ«ولدَ» وَهماً وبثَّ هُزالاً
محمد خروب
ها قد انقضى يوم «الجمعة» بتوقيته الشرق أوسطيّ, كما وخصوصا بتوقيت «أميركي", ولم يرَ مُتابعو حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتهجير, الصهيو أميركية على قطاع غزة والضفة الغربية, ما كانت لوّحت به إدارة الرئيس الصهيوني/ جوزيف بايدن, عن «حلّ للاستعصاء الذي تُواجهه «مفاوضات» صفقة تبادل الأسرى والرهائن, بين جيش الفاشية الصهيونية, وفصائل المقاومة الفلسطينية. إذ قيل قبل نهاية الأسبوع الماضي, ان إدارة بايدن المُلطخة يداها بدماء أطفال ونساء وشيوخ فلسطينيي قطاع غزة والضفة الغربية, ستطرح «رؤيتها» وفق نص القاعدة الغربية المعروفة » TAKE IT OR LEAVE IT»، لكن شيئا كهذا لم يرَ النور, ولا يبدو أنه ما يزال على جدول الأعمال, إدارة بايدن «الكسيحة» وفاقدة الـتاثير (حتى لو رغِبت او توفّرت لديها القدرة), بعد كل الإزدراء والصفعات المُهينة التي وجّهها لها مجرم الحرب الصهيوني/نتنياهو. رغم أن واشنطن ــ كما تُوصفُ تضليلاً ــ تندرج في إطار الوساطة الثلاثية القطرية, المصرية والأميركية, بين تل أبيب وحركة حماس.
وإذا كان معروفا القول المأثور الذي ما يزال يُستخدم في أروقة ودهاليز دوائر صنع القرار الأميركية, بان لـ"كُل رئيس أميركي حرّبَهُ", فإن من السذاجة تجاوز الحرب الصهيو أميركية على قطاع غزة, باعتبارها حرب الصهيوني جوزيف بايدن, الذي حشدَ أضخم أُصول عسكرية أميركية على شواطئ فلسطين المحتلة, كما في أعالى البحار المحيطة وبخاصة المتوسط والأحمر والخليج, دفاعا عن كيان العدو العنصري’ باعتباره «جزءاً من العالم الحر, والـ"فيللاّ في غابة الاستبداد الشرق الأوسطي الظلامي", على ما تُوصف به مُجتمعاتنا وأنظمتها, التي في معظمها شريكة «استراتيجية» لواشنطن.
قد يُحاجج البعض ان حرب جوزيف بايدن هي الحرب «الأوكرانية", ونحسب ان ذلك الوصف يُجانب الصواب, لأن كل ما «بذلَه» بايدن, ورهط مُستشاريه وجنرالات البنتاغون, وخصوصا الدائرة الضيّقة التي «تُحرِّك» حزب «الحرب» في واشنطن, إنما تعاملت مع هذه الحرب التي خططوا لها أصلا, بعد رفضهم (إضافة الى صقور حلف الناتو, وجنرالات «بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا وإيطاليا), منحَ ضمانات أمنية لروسيا, ما أجبر الرئيس الروسي/بوتين, على إطلاق العملية العسكرية الخاصة في 24 شباط 2022, وما تزال المواجهة محتدمة, لكن بوادر اندحار جيش الرئيس الأوكراني/زيلينسكي, المنتهية ولايته منذ ايار الماضي, تلوح في الأفق, رغم «مغامرة/غزوة كورسك", التي ستشهد قريبا هزيمة نكراء للجحافل الاوكرانية المُترنحة والمفتقرة للدعم اللوجيستيّ والروح المعنوية.
ماذا عن رئيس الدبلوماسية الأميركية/أنتوني بلينكن, الذي فاخرَ بـ"يهوديّته» وقدّمها على هويّته الوطنية.. «الأميركية"؟
صاحب الجولات التسع «الفاشِلة» على المنطقة, متنقلاً بين عواصمها ومُجتمِعاً بقادتها ومُشاركا في جولات المفاوضات كـ"وسيط", والأكثر اهمية الذي لم يتوقّف للحظة عن «تبرئة» الكيان الصهيوني الفاشي, من جرائم الحرب التي قارفها والمجازر الوحشية التي ارتكبها, والذي يُوجّه «دميته» في مجلس الأمن الدولي/ ليندا توماس غرينفيلد, لاستخدام «الفيتو", بهدف إفشال اي مشروع قرار يدعو الى وقف «إنساني» للنار في القطاع الفلسطيني المنكوب... بلينكن هذا خرجَ علينا اول من أمس, بوقاحة وصلف إمبريالي استعماري معروف, ليقول: نأمل في «إبرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل و(دولة عربية مُهمة) قبل انتهاء ولاية الرئيس بايدن, مُضيفا في تجاهل مقصود بذاته ولذاته, لتحديد مَن يتحمّل مسؤولية إفشال «صفقة» تبادل الأسرى والرهائن, أنه إذا تمكّنا من التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فُيمكننا المضي قدماً على مسار التطبيع». مضيفا في إصرار على مساواة الضحية بالجلاّد, ومُتخليا عن «دوره كوسيط", أنه يتعيّن على إسرائيل وحركة حماس، التوصّل إلى حل للقضايا المتبقية من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
بلينكن هذا ودائما, الذي نحسب ان الدارسين وعلماء السياسة والدبلوماسية, سيقولون عنه إنه «أفشلُ» وزير خارجية أميركي, في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة, وبداية أفول «الأُحادية» القطبية الأميركية, وبروز مؤشرات واضحة ومُتسارعة’ على عالمٍ مُتعدد الأقطاب بات قيد التشكّل والبروز, لم يتردد في الزعم، أنه جرى «التوافق» على نحو 90 في المئة من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن هناك ــ تابعَ ــ قضايا بالغة الأهمية لا تزال عالقة، بما في ذلك قضية ما يسمى بمحور فيلادلفي, على الطرف الجنوبي لقطاع غزة على الحدود مع مصر. بشأن كيفية الحل». مشيراً إلى أنه (لا يزال يأمل في إبرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل والـ"دولة العربية المهمة» قبل انتهاء ولاية بايدن في 20 كانون الثاني القريب».
لكن نتنياهو سارعَ الى تكذيب بلينكن, قائلا بصلف: هذا غير دقيق على الإطلاق. هناك قصة أو رواية تدور حول وجود صفقة... إنها مُجرّد رواية كاذبة».
هي إذاً... لعبة توزيع أدوار «قذِرة» بين شريكيّ حرب الإبادة والتجويع, بينما تقف دول «العالم الحرّ» متواطئة, دونما توقّف عن إطلاق التصريحات عديمة الأثر والتأثير, بلا رصيد سياسي او أخلاقي.
kharroub@jpf.com.jo