أنسنة الحرب خلف ظهر إسرائيل
نيفين عبدالهادي
الحضور الإنساني في غزة، وأنسنة الحرب، جانب حتما الاحتلال الإسرائيلي يضعه خلف ظهره منذ السابع من تشرين الأول 2023، سواء كان في استهداف المدنيين أو الأطفال والنساء، أو العاملين في المؤسسات والجمعيات الإنسانية والإغاثية، وعرقلة عملهم، ومنعهم من الوصول للمصابين والشهداء، وكأن هذه الحماية التي وضعتها القوانين الدولية لم تطل فلسطين، ولم تصل لمسامع إسرائيل .
المؤتمر الـ11 لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي عقد في عمان، وشكّل تظاهرة إنسانية وإغاثية هامة جدا على مستوى عالمي، ونجح في أن يستقطب دولا عالمية للنظر بإنسانية للأهل في غزة، طرح جانب الإنسانية في الحروب وأن القيم الأخلاقية والإنسانية والرحمة ينبغي وجودها لضمان حماية المدنيين حتى في أكثر الحروب شراسة، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يصرّ على إغماض عينيه عن هذا الجانب، وإغفاله تماما.
استهداف إسرائيل للمدنيين الأبرياء، ولكوادر المؤسسات الإغاثية والإنسانية فقد استشهد 21 شخصا من الهلال الأحمر الفلسطيني و21 موظفا ومتطوعا في الأشهر الـ11 الماضية خلال أدائهم واجب العمل، ناهيك عن استهداف موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومراكز الإيواء التابعة لها في غزة، وغير ذلك من إجراءات ضدها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، كل هذا يضع خطا أحمر تحت هذه الجرائم الإنسانية، والتي تحتاج إلى وقفات حاسمة وعلى مستوى دولي لوضع إسرائيل أمام مسؤولياتها بهذا الجانب، ذلك أن تركها على هذا النحو هو كيل بمكيالين في كل ما يتعلق بمواثيق الحقوق الإنسانية، التي يسارع العالم لتطبيقها إذا ما تعلق الأمر بأي دولة في العالم، لكنه سرعان ما يغرّد خارج السرب عندما يتعلق الأمر بفلسطين وغزة .
بالأمس، بحث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي مع المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، الدور الأساس للوكالة في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، وضرورة وقف إسرائيل عن إجراءاتها ضد الأونروا، وفي ذلك رسالة أردنية واضحة تضاف لرسائل سابقة بضرورة حماية من يدعم الجانب الإنساني والإغاثي، لأن ما يقوم به الاحتلال في غزة خرج عن كل معايير الإنسانية، بل وصل أعلى درجات العنف والإرهاب وجرائم الحرب، والكل سواسية في هذه الحرب لا تفرّق قذائفهم بين الطفل والمرأة والمدني الجميع مستهدف بمن فيهم حاملو شعارات الهلال والصليب الأحمر والأونروا وهم من يحملون مسؤولية حماية المدنيين أصبحوا مستهدفين على غرارهم.
الجانب الإنساني الذي تُغفله إسرائيل، بات يحتاج وقفة دولية يجب التعامل مع هذا الجانب كما يتم التعامل معه في كافة الظروف وبكافة دول العالم، فالمواطن الفلسطيني، هو إنسان تنطبق عليه المعايير الإنسانية وربما يكون الأكثر حاجة لها في ظل الحرب الإسرائيلية عليهم منذ 11 شهرا، وترك الأمور على نحوها الحالي يضيف للجرائم التي يتعرض لها الغزيون جرائم أخرى أكثر بشاعة وعنفا وإجراما، فلا بد من أنسنة الحرب بوضع الجوانب الإنسانية أولوية وحماية المدنيين وكوادر المؤسسات الاغاثية والإنسانية، إذ ما تزال إسرائيل تضعها خلف ظهرها ولا توليها أي نوع من أنواع الاهتمام!!!