الحلول الأمنية والعسكرية لن تحقق الأمن والسلام

علي ابو حبلة

عملية المخيمات الصيفية التي أطلقها جيش الاحتلال الاسرائيلي على عملية اجتياح شمال الضفة الغربية حيث تستهدف العملية المخيمات الفلسطينية وتدمير بنيتها التحتية وتستهدف المدن والبلدات الفلسطينية تثير مخاوف وهواجس المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية في إسرائيل وهناك مخاوف متزايدة من انتفاضه تندلع شرارتها في الضفة الغربية وهي انعكاس لسياسة الحصار الاقتصادي ومنع العمال الفلسطينيين من العمل داخل إسرائيل.

عملية المخيمات الصيفية وغيرها من العمليات جميعها تأتي في سياق التداعيات للحرب على غزه وما يرتكب من جرائم أباده بحق المدنيين وفي ظل غياب أي أفق للسلام وإمعان حكومة الحرب اليمينية المتطرفة التي يرئسها نتني اهو في إجراءاتها وحربها على الشعب الفلسطيني تحت شعار تدمير وهزيمة حماس ما هي إلا غطاء لتمرير مخطط التهجير القسري للفلسطينيين وتفريغ قطاع غزه واستكمال المخطط التوسعي الاستيطاني لضم أجزاء من الضفة الغربية وتهجير سكان المخيمات.

وبحسب التحليلات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن العملية تثبت فشل المنظومة الأمنية في التعامل مع حالة رد الفعل الفلسطيني على ما يحدث في غزة، خاصة وأنها تأتي في أعقاب عدد من العمليات كعملية التفجير في تل ابيب والخليل لتثبت تلك العمليات إصرار الفلسطينيين على ضرب الاحتلال، رغم إغلاق محافظات الضفة، ونشر كثير من الحواجز الأمنية المعقدة وتقييد حركة الفلسطينيين.

كل الاحتياطات الأمنية وحملات الدهم والاجتياح للمدن والبلدات الفلسطينية وأعمال القتل والهدم والتنكيل ضمن سياسة حكومة الحرب للقضاء على أي أمكانيه للتصعيد في الضفة الغربية والقدس، فلجأت إلى خيار تفكيك واستهداف مجموعات المقاومة من خلال القتل والتنكيل والاعتقال، علاوة على ضرب الحاضنة الشعبية بالاقتحامات المتكررة.

رغم كل تلك الإجراءات والقبضة الحديدية لقوات الاحتلال وسياسة التغول في استباحة الدم الفلسطيني والعقاب الجماعي ومحاصرة مدن الضفة الغربية جميعها لم تحقق الأمن ولم تمنع وتحد من عمليات المقاومة في الضفة الغربية والقدس.

وبالتزامن مع عملية المخيمات الصيفية وما سبقها، يبدو أن السلوك الإسرائيلي تجاه الضفة يسير نحو مقاربة أمنية يعتبرها تهديدًا حقيقيًا متصاعدًا تخفي خلفها مراحل من التطور في البنية التحتية للعمل المقاوم، وتشكل خطرًا على المشروع الاستيطاني.

ويكرر قادة ورؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على مسامع بنيامين نتنياهو وحكومته أن الضفة على وشك الانفجار بحسب وصف الإعلام الإسرائيلي، وتحول ما يحصل فيها إلى انتفاضة ثالثة وشاملة، وتحديدًا إذا ما استمرت الحرب على غزة ولم يتم التوصل لصفقة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى.

وفي هذا الإطار فان العديد من مراكز الأبحاث والمحللين السياسيين في» إسرائيل « يعتقدون أن الحلول الأمنية تحول دون وقوع أي عملية أو تطور للنضال الفلسطيني في المناطق المحتلة في الضفة الغربية أو القدس.

وأن جميع الحكومات المتعاقبة في « إسرائيل « دائما ما تبحث عن الحلول الأمنية أو العسكرية، وتتجاهل الأسباب السياسية، لتأتي عملية المخيمات الصيفية لتؤكد من جديد إلى أنه لا يمكن تجاهل الحلول والأسباب والدوافع السياسية، بمعنى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال.

ورغم أن إسرائيل مقتنعة إلى حد الآن بأن الحلول الأمنية يمكن أن تكون المنفذ الوحيد كما كافة الحكومات الإسرائيلية، لكن ما يميز هذه الحكومة هو وجود اليمين المتطرف الاستيطاني والأصولي الديني اليميني المتطرف.

سياسة حكومة اليمين المتطرفة التي يرأسها نتنياهو بإجراءاتها ألتصعيديه وحربها العدوانية على الشعب الفلسطيني وهي حرب أباده تدفع المنطقة برمتها إلى الانفجار، رغم أن المؤسسة الأمنية وأجهزة الأمن تحذر كل يوم من إمكانية انفجار الضفة الغربية، ولكنها تقوم بكافة العمليات التي تدفع الضفة إلى الانفجار.

إسرائيل لديها أهداف وسياسات تريد من خلالها عمليا الانتقام من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده، وتنفذ هذه السياسات على أرض الواقع بشكل يومي.

وأن تصرفات اليمين المتطرف ويتقدمهم وزير المالية ومسئول الاداره المدنية في الضفة الغربية سومتي رش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير لهم مصلحة في تأزيم الأوضاع في الضفة الغربيه والقدس، وأن حزب الليكود ليس لديه سيطرة على المستوطنين خاصة المتطرفين منهم، وأن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وبن غفير لديهما تصور يفيد بأن تفجير الأوضاع والوصول إلى فوضى يمكن أن يقرب إسرائيل من تحقيق أهدافها بالسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وضم مناطق «ج»، وتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.

فهل تدرك حكومة الحرب مخاطر ما يتهددها ويتهدد امن المنطقة وهل لها أن تعيد النظر في مجمل سياستها أم أنها ستمعن في استمرار حربها وتغولها واستباحتها للدم الفلسطيني مما ينذر بمزيد من التصعيد ومزيد من العمليات التي من شانها أن تعيد المنطقة لمربع الرعب من جديد مما يتطلب تحرك أممي لوقف الحرب في غزه ووقف سياسة العدوان في الضفة الغربية وسرعة تحريك المسار السياسي ويفضي لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.