فلنذهب وننتخب
جهاد المنسي
أسبوع واحد فقط تبقى على موعد الاستحقاق الدستوري، المتمثل بإجراء انتخابات مجلس الامة الذي يحمل الرقم عشرين، تتم عملية الانتخاب كالعادة، وفق قانون انتخاب جديد جاء نتيجة مخرجات لجنة ملكية اوكل لها تحديث المنظومة السياسية، فكان من بين ما تم اقتراحه مشروع قانون انتخاب جديد، وقانون أحزاب أيضا.
هذا القانون الذي مر بكل مراحله الدستورية اعتمد كوتة متدرجة للأحزاب تبدأ في انتخابات العاشر من الشهر الحالي بـ41 مقعدا نيابيا من أصل 138 مقعدا هي مجموع مقاعد المجلس، ومن ثم ترتفع في الانتخابات التي ستجري في عام 2028 الى 50 % من مقاعد المجلس، ومن ثم في المرحلة الأخيرة عام 2032 لتصبح بواقع 65 % ما يعني ان الدولة تريد التوجه لفكرة الحكومات الحزبية البرلمانية ولكن بالتدريج.
هذا التوجه الإصلاحي (الحكومات البرلمانية) لا يمكن تنفيذه بعد انتخابات العاشر من أيلول فورا، وانما سيكون المجلس المقبل بمثابة بداية طريق لتنفيذ الرؤية الإصلاحية المشار اليها، ذاك يعني ان الطريق بات معبدا وواضحا وعلينا نحن جمهور المواطنين (الناخبين) التعامل مع ذلك من خلال الذهاب الى صندوق الاقتراع، بكثافة، وتغيير نسب الاقتراع، حتى لا نترك بابا مفتوحا لإجهاض الفكرة.
الحقيقة الثابتة انه لا يجوز لنا البقاء في غرفة مظلمة، دون حراك، والنوح على حال مجالس النواب، دون ان يكون للناخب دور في التغيير، هذا التغيير لا يمكن ان يحصل دون مشاركة حقيقية، مشاركة تتضمن انتخاب الرؤية التي يؤمن بها الناخب، والحزب الذي يعبر عن جزء من رؤيته تلك.
اتفق، قد لا تملك الأحزاب برامج حزبية تتوافق بالكامل مع رؤية الناس، ولكن دعونا ننظر للجزء الممتلئ من الكأس، وننتخب من يمتلك الحد الادنى من الفكرة الاصلاحية التي نبحث عنها، وقتها يمكن ان نراكم مشرعين لديهم قدرة على التشريع وتغيير القوانين والتعامل مع تشريعات جديدة، وتقديم رؤى إصلاحية مستقبلية، وهذا ابدا لا يمكن ان يحصل ونحن في الزوايا المظلمة لا نفعل شيئا غير انتقاد المجالس النيابية وعدم الذهاب لصناديق الاقتراع.
الحقيقة الثابتة انه كلما توسعت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات النيابية، فإن مخرجات المجلس تكون افضل، هذه حقيقة علمية، وبناء عليه، فإن الذهاب بكثافة يوم الاقتراع، وانتخاب البرنامج الذي يتوافق مع رؤيتنا، من شأنه الوصول بنا لبدايات الطريق التي جاءت في ، فكثافة الحضور يوم الانتخابات تعني القضاء على كل اشكال التشكيك، وهذا من شانه تعزيز الرؤية التي جاءت بها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
لم يتبق الكثير، وحتى نخرج من معزوفة النوح والنقد لمجالس النواب، شكل مستمر فإن الحل يكمن في تعزيز المشاركة وعدم ترك الساحة لأولئك الذين ينتخبون مترشحيهم مناطقيا او عشائريا او جهويا، والمساهمة في انتخاب البرامج التي تتفق مع جزء من الرؤية التي يمتلكها كل فرد منا.
القوائم الحزبية وعددها 25 قائمة تمثل 36 حزبا قدم سوادها برنامجها الانتخابي ورؤيتها، وكذلك فإن بعض القوائم المحلية وضعت برامج عمل لها يمكن اعتبارها واعدة، ولذلك فإن المهمة لا تبدو صعبة، فالمشاركة في انتخابات العاشر من أيلول تعني المشاركة في وضع العربة على طريق الإصلاح الحقيقي، والاختيار الصحيح من شأنه الارتقاء بالأداء البرلماني لمستويات إيجابية يمكن البناء عليها لاحقا، وأيضا فإن محاسبة الكتل والبرامج على ادائه يعزز فكرة مراقبة أداء النواب وعدم تركهم دون حسيب او رقيب.
دعونا ننتخب، فنحن لا نملك ترف تضييع الوقت فالقضايا الداخلية والمحلية كثيرة، والمطلوب مجلس نيابي يستطيع التعامل مع كل التحديات برؤية واضحة، مجلس نيابي يتعامل وفق برنامجه وليس بحسب رغبات الحكومات.
أيها السادة.. فلنذهب بكثافة، ونختار الأفضل، ونعزز فكرة خيارات البرامج بعيدا عن المعارف والقربى والجغرافيا وغيرها من أشكال.